أحدهما: حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-، وهو يشتمل على جملتين: نهي (فلا يبرك كما يبرك البعير)، وأمر (وليضع يديه قبل ركبتيه).
وقد اختلفوا في معنى هذا النهي:
فذهب بعضهم إلى أن معناه: أن البعير عند البروك يضع يديه أولاً، ورجلاه قائمتين، وإذا نهض فإنه ينهض برجليه أولاً، وتبقى يداه على الأرض، وهذا هو الذي نهي عنه -صلى الله عليه وسلم- وفعل خلافه؛ حيث كان يقع منه أول ما يقع على الأرض الأقرب منها فالأقرب، وأول ما يرتفع عن الأرض منها الأعلى فالأعلى (٢).
فيكون معنى هذا النهي: النهي عن وضع اليدين قبل الركبتين كما يفعل البعير، وعلى هذا فيكون معنى هذا الحديث موافقة لمعنى حديث وائل بن حجر -رضي الله عنه- وهو تقديم الركبتين على اليدين عند الهويّ إلى السجود.
قالوا: ولو كان المقصود من الحديث تقديم اليدين على الركبتين لقال: (فلا يبرك على ما يبرك عليه البعير) لكن بين اللفظين فرقاً، فإن النهي في قوله:(كما يبرك البعير) نهي عن الكيفية وليس المراد النهي عن البروك على ما يبرك عليه البعير وإلا لقال: (فلا يبرك على ما يبرك عليه
(١) راجع تخريج الحديثين والكلام عليهما. (٢) انظر: زاد المعاد ١/ ٢٢٤؛ تهذيب سنن أبي داود ١/ ٤٠٠؛ نيل الأوطار ٢/ ٢٥٤؛ الشرح الممتع ٣/ ١٥٦.