خامساً: عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- قال:«قنت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- شهراً يدعو على عُصيَّة وذكوان، فلما ظهر عليهم ترك القنوت»(٢).
وفي رواية عنه -رضي الله عنه- قال:«لم يقنت النبي -صلى الله عليه وسلم- إلا شهراً، لم يقنت قبله ولا بعده»(٣).
فهذه الأدلة تدل كذلك على أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قنت مدة ثم تركه، فدل ذلك على نسخ القنوت؛ لأن الترك نسخ للفعل (٤).
واعترض على الاستدلال من هذه الأدلة: بأن المراد بهذا القنوت المذكور في هذه الأدلة، هو القنوت عند النوازل، وهو من السنن العوارض لا الرواتب، والنبي -صلى الله عليه وسلم- قنته لسبب ثم تركه لزوال السبب، فقد
(١) أخرجه مسلم في صحيحه ٢/ ٣٠٧، كتاب المساجد، باب استحباب القنوت في جميع الصلوات، ح (٦٧٧) (٣٠٤). (٢) أخرجه الطحاوي في شرح معاني الآثار ١/ ٢٤٥. وقال الهيثمي في مجمع الزوائد ٢/ ١٤٠: (رواه أبو يعلى والبزار والطبراني في الكبير، وفيه أبو حمزة الأعور القصاب، وهو ضعيف). (٣) أخرجه الطحاوي في شرح معاني الآثار ١/ ٢٤٥؛ والحازمي في الاعتبار ص ٢٤٧. ثم قال في ص ٢٥٠: (أما حديث ابن مسعود فلا يجوز الاحتجاج به لوجوه شتى: منها: أن أبا حمزة ميمون القصاب كان يحيى بن سعيد القطان وابن مهدي لا يحدثان عنه. وقال أحمد بن حنبل: هو ضعيف متروك الحديث. وقال يحيى بن معين: كوفي ليس بشيء). (٤) انظر: شرح معاني الآثار ١/ ٢٤٥؛ مجموع الفتاوى ٢٢/ ٣٧٢، ٢٣/ ١٠٥.