ثالثاً: عن ابن عباس -رضي الله عنه- قال: مرَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- بقبرين فقال:«إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير، أما أحدهما فكان لا يستتر من البول، وأما الآخر فكان يمشي بالنميمة»(١).
فقوله في الحديث:(من البول) عام يشمل جميع الأبوال (٢).
واعترض عليه: بأن المراد به بول الإنسان؛ لما في رواية أخرى لهذا الحديث:(لا يستتر من بوله)(٣).
وأجيب: بأن كلا الروايتين ثابت، ورواية:(لا يستتر من البول) فيه زيادة على رواية الآخرين وزيادة العدل يجب قبوله (٤).
ويستدل للقول الثاني -وهو أن بول ما يؤكل لحمه طاهر- بأدلة منها ما يلي:
أولاً: ما سبق في دليل ا لقول بالنسخ من حديث أنس -رضي الله عنه-، وفيه:«فأمرهم النبي -صلى الله عليه وسلم- بلقاح وأن يشربوا من أبوالها وألبانها».
والنجس لا يباح شربه، ولو كان للضرورة لأمرهم بغسل أثره إذا أرادوا الصلاة (٥).
ثانياً: عن أنس -رضي الله عنه- قال: «كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يصلي قبل أن يبني المسجد في
(١) سبق تخريجه في ص ٥٠٠. (٢) انظر: المحلى ١/ ١٧٨؛ تحفة الأحوذي ١/ ٢٥٥. (٣) انظر: فتح الباري ١/ ٣٩٧، ٣٩٩؛ تحفة الأحوذي ١/ ٢٥٥. (٤) انظر: المحلى ١/ ١٧٩. (٥) انظر: المغني ٢/ ٤٩٢؛ الشرح الكبير ٢/ ٣٤٧.