ووجه لاستدلال منها هو: أن كل ما روي عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في ذلك محمول على الإباحة والتخيير، وكله جائز؛ لأنه قد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- جواز ذلك، وعمل به أصحابه، فمن شاء أخذ بهذا، ومن شاء أخذ بهذا (١).
الراجح
بعد عرض أقوال أهل العلم في المسألة وما استدلوا به يظهر لي-و الله أعلم بالصواب- أن الراجح هو جواز صفتي الإقامة وهما الشفع والإيتار، كما هو القول الرابع، وذلك لأن بلالاً -رضي الله عنه- كان مؤذناً في المدينة، وأبو محذورة -رضي الله عنه- كان مؤذناً في مكة، وقد روي عن كل منهما تثنية الإقامة وإفرادها (٢)، وهو دليل للتخيير وإباحة كلا الصفتين، ورد لقولي النسخ المتضادين.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- بعد ذكر بعض ما ورد في صفة الأذان والإقامة: (وإذا كان كذلك فالصواب مذهب أهل الحديث، ومن وافقهم، وهو تسويغ كل ما ثبت في ذلك عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، لا يكرهون شيئاً من ذلك، إذ تنوع صفة الأذان والإقامة، كتنوع صفة القراءات والتشهدات، ونحو ذلك، وليس لأحد أن يكره ما سنه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لأمته.
وأما من بلغ به الحال إلى الاختلاف والتفرق حتى يوالي ويعادي ويقاتل على مثل هذا ونحوه مما سوغه الله تعالى، كما يفعله بعض أهل الشرق، فهؤلاء