سبقته بهذا فأدرك الجواب، فروى الجواب ولم يحفظ المسالة، أو شك فيها) (١).
ب-قال الطحاوي:( … وكانت الحجة لهم في تأويل حديث ابن عباس-رضي الله عنهما- عن أسامة -رضي الله عنه- الذي ذكرنا في الفصل الأول أن ذلك الربا إنما عنى به ربا القرآن الذي كان أصله في النسيئة، وذلك أن الرجل كان يكون له على صاحبه الدين، فيقول له: أجلني منه إلى كذا وكذا بكذا وكذا درهماً أزيدكها في دينك، فيكون مشترياً لأجل بمال، فنهاهم الله عز وجل عن ذلك بقوله:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (٢). ثم جاءت السنة بعد ذلك بتحريم الربا في التفاضل، في الذهب بالذهب، والفضة بالفضة، وسائر الأشياء المكيلات والموزونات على ما ذكره عبادة بن الصامت -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فيما رويناه عنه فيما تقدم من كتابنا هذا في" باب بيع الحنطة بالشعير" فكان ذلك ربا حرم بالسنة، وتواترت به الآثار عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حتى قامت بها الحجة.
والدليل على أن ذلك الربا المحرم في هذه الآثار، هو غير الربا والذي رواه ابن عباس عن أسامة-رضي الله عنهم-عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رجوع ابن عباس-رضي الله عنهما- إلى ما حدثه به أبو سعيد -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، مما قد ذكرناه في هذا الباب.
فلو كان ما حدثه به أبو سعيد -رضي الله عنه- من ذلك في المعنى الذي كان أسامة -رضي الله عنه- حدثه به إذاً لما كان حديث أبي سعيد عنده بأولى من حديث أسامة -رضي الله عنه-.
(١) الاعتبار ص ٤٠٥. (٢) سورة آل عمران، الآية (١٣٠).