المشركين، أو فداء أسراهم بأسرى المسلمين، وليست صريحة في النهي عن المن على أسراهم أو فدائهم بالمال.
ثانياً: ولأن هذا القول يمكن أن يجمع به بين الأدلة كلها، وإذا أمكن الجمع بين الأدلة لا يصار إلى ترك بعضها ولا إلى القول بالنسخ.
ثالثاً: ولأن القول بنسخ ما يدل على المن على أسرى الكفار أو فدائهم بالمال ضعيف، لما يلي:
أ-لأنه يمكن الجمع بين الأدلة الواردة في المسألة، وإذا أمكن الجمع بين الأدلة يتعذر إدعاء النسخ (١).
ب- ولأن قوله تعالى {فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ}(٢). ونحوه مما سبق ذكره وإن كان بعد قوله تعالى:{فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا}(٣). إلا أنه لا يسلم أن جميع الأدلة التي تدل على جواز المن بأسرى الكفار وافتدائهم بالمال، متقدمة على تلك الآيات حتى تكون هي ناسخة لها، بل كان من سيرته -صلى الله عليه وسلم- منذ أن أذن الله له بحرب الكفار إلى أن قبضه الله، قتل بعض أسرى الكفار، ومنّ على بعضهم، وأخذ الفداء من بعضهم (٤).
والله أعلم.
(١) انظر: الاعتبار ص ٤٩٥؛ المغني ١٣/ ٤٧. (٢) سورة التوبة، الآية (٥). (٣) سورة محمد، الآية (٤). (٤) انظر: جامع البيان ١٣/ ٧٨٢٦.