ويستدل للقول الثاني- وهو وجوب الدعوة قبل القتال مطلقاً- بما يلي:
أولاً: حديث بريدة وابن عباس-رضي الله عنهما-، وقد سبق ذكرهما في دليل القول بالنسخ.
ثانياً: قول النبي -صلى الله عليه وسلم- لعلي -رضي الله عنه-: «على رِسلك حتى تنزل بساحتهم ثم ادعهم إلى الإسلام، وأخبرهم بما يجب عليهم، فوالله لأن يُهدي بك رجلٌ واحد خير لك من حمر النعم»(١).
ووجه الاستدلال منها: أن حديث بريدة وابن عباس-رضي الله عنهم- يدلان على وجوب الدعوة قبل القتال، من غير تفريق بين من بلغته الدعوة، وبين من لم تبلغه.
وفي حديث سهل بن سعد أمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- علياً -رضي الله عنه- بالدعوة قبل القتال، ويهود خيبر كان قد بلغتهم الدعوة قبل ذلك.
فيثبت من مجموعها وجوب الدعوة مطلقاً (٢).
واعترض عليه:
أ-بأن الأمر بالدعوة في هذه الأحاديث إن كان للوجوب فيكون
(١) سبق تخريجه في دليل القول الأول. (٢) انظر: التمهيد ١٠/ ١٩٤؛ المقدمات لابن رشد ص ١٨٤؛ الاعتبار ص ٤٨٩.