القول الثاني: يجب الدعوة قبل القتال، سواء بلغتهم الدعوة أم لا.
وهو قول آخر عند المالكية، قيل هو المشهور (٢).
الأدلة
ويستدل للقول الأول بأدلة منها ما يلي:
أولاً: حديث بريدة، وابن عباس-رضي الله عنهم-، وقد سبق ذكرهما في دليل القول بالنسخ.
ثانياً: حديث ابن عمر، والبراء بن عازب، والصعب بن جثامة-رضي الله عنهم-. وقد سبق ذكرها كذلك في دليل القول بالنسخ.
ثالثاً: عن سهل بن سعد -رضي الله عنه- سمع النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول يوم خيبر:«لأعطين الراية رجلاً يفتح الله على يديه» فقاموا يرجون لذلك أيهم يُعطى. فغدوا وكلهم يرجو أن يعطى. فقال:«أين علي؟»، فقيل: يشتكي عينيه. فأمر به فدُعي له فبصق في عينيه فبرأ مكانه حتى كأنه لم يكن به شيء. فقال: نقاتلهم حتى يكون مثلنا؟ فقال: «على رِسْلِك (٣) حتى تنزل بساحتهم
(١) انظر: المدونة ١/ ٤٩٦؛ التمهيد ١٠/ ١٩٢؛ الكافي ص ٢٠٨؛ جامع الأمهات ص ٢٤٤؛ القوانين الفقهية ص ١٠٩؛ التاج والإكليل ٤/ ٥٤٢. (٢) انظر: المدونة ١/ ٤٩٦، ٤٩٧؛ التمهيد ١٠/ ١٩٢؛ المقدمات ص ١٨٤؛ جامع الأمهات ص ٢٤٤؛ مختصر خليل مع مواهب الجليل ٤/ ٥٤٢؛ الشرح الكبير ٢/ ٢٧٨؛ حاشية الدسوقي ٢/ ٢٧٨. (٣) الرسل بالكسر: الهينة، والتأَنّي، وعدم الاستعجال، ويقال: افعل كذا وكذا على رسلك أي اتّئد فيه. انظر: النهاية في غريب الحديث ١/ ٦٥٦.