والعمرة في سفرة مستقلة، وأن يكثر من زيارة البيت (١).
أما النوع الثاني من التمتع، فقد جاء النهي عنه عن جمع من الصحابة-رضي الله عنهم-، وصرح بعضهم بأنه مختص بهم، ولم يبق على التمسك به أحد منهم بعد النبي -صلى الله عليه وسلم- إلا ابن
عباس -رضي الله عنه- (٢).
رابعاً: إن الأدلة التي تدل على أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أمر الصحابة-رضي الله عنهم- بفسخ الحج إلى العمرة، أدلة صريحة، وصحيحة ثابتة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- بدون اختلاف فيها. لكن قول النبي -صلى الله عليه وسلم- فيها لسراقة بن مالك -رضي الله عنه- حينما قال: يا رسول الله، هي لنا أو للأبد؟ فقال:«لا، بل للأبد»(٣). مختلف في المراد به، فقيل: إن المراد به فسخ الحج إلى العمرة، وأنه للأبد (٤). وقيل: إن المراد به جواز العمرة في أشهر الحج؛ لأنهم كانوا لا يرون ذلك في الجاهلية (٥). كما قيل: إن المراد به هو وجوب العمرة مرة في الدهر (٦).
والأحاديث الواردة في وقت سؤال سراقة -رضي الله عنه- مختلفة ففي رواية جابر -رضي الله عنه- أن ذلك كان بعد قول النبي -صلى الله عليه وسلم- وأمره بفسخ الحج إلى العمرة، وبعد
(١) انظر: المجموع ٧/ ٩٧ - ٩٩؛ زاد المعاد ٢/ ٢٠٨ - ٢١٠. (٢) انظر: الناسخ والمنسوخ في القرآن العزيز ص ١٧٤؛ أحكام القرآن للجصاص ١/ ٣٥١ - ٣٥٣. (٣) سبق تخريجه في دليل القول الثاني. (٤) انظر: الناسخ والمنسوخ في القرآن العزيز ص ١٧٧؛ زاد المعاد ٢/ ١٩٢، ١٩٦. (٥) انظر: الناسخ والمنسوخ في القرآن العزيز ص ١٧٧؛ شرح معاني الآثار ٢/ ١٩١. (٦) انظر: التمهيد ٨/ ١٧٩.