الإحرام: بأن حديث يعلى -رضي الله عنه- فيه الأمر بغسل الطيب الذي بقي بعد الإحرام، فيدل على عدم جوازه؛ وإلا لما أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- ذلك الرجل بغسله. ويؤكد ذلك أثر عمر، وابنه عبد الله-رضي الله عنهما-؛ حيث أنكرا التطيب عند الإحرام. أما تطيب النبي -صلى الله عليه وسلم- عند الإحرام فقد ذكرت عائشة-رضي الله عنها-أنها طيبته ثم طاف على نسائه. وهو -صلى الله عليه وسلم- قد اغتسل بعد ذلك، ثم أحرم، فيكون الطيب قد أتى عليه الغسل، فكان إحراماً بعد طيب قد غسله (١).
واعترض عليه بما يلي:
أولاً: إن حديث يعلي -رضي الله عنه- ورد بألفاظ مختلفة، منها ما يدل على أن الرجل المذكور في ذلك الحديث كان متضمخاً بطيب، وأن النبي -صلى الله عليه وسلم- أمره بغسل ذلك الطيب. وقد سبق ذكره بهذا اللفظ.
وقد ورد بلفظ يدل على أن ذلك الرجل كان عليه أثر خلوق (٢)، وأن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال له:«اخلع عنك الجبة، واغسل أثر الخلوق عنك، وانق الصفرة، واصنع في عمرتك كما تصنع في حجك»(٣).
(١) انظر: شرح معاني الآثار ٢/ ١٢٦، ١٣٢، ١٣٣؛ التمهيد ٨/ ٥٣ - ٥٩؛ الاستذكار ٣/ ٣٢٧؛ الاعتبار ص ٣٧١؛ نيل الأوطار ٤/ ٤٣٧. (٢) الخَلوق: طيب مركب يتخذ من الزعفران وغيره من أنواع الطيب، وتغلب عليه الحمرة والصفرة. انظر: النهاية في غريب الحديث ١/ ٥٢٦؛ المصباح المنير ص ١٥٣. (٣) أخرجه البخاري في صحيحه ص ٣٥٤، كتاب العمرة، باب يفعل بالعمرة ما يفعل بالحج، ح (١٧٨٩)، ومسلم في صحيحه ٥/ ١٥، كتاب الحج، باب ما يباح للمحرم بحج أوعمرة لبسه، ح (١١٨٠) (٦).