أهرِقْ هذه القلال (١) يا أنس. قال: فما سألوا عنها، ولا
راجعوها بعد خبر الرجل) (٢).
فهذا يدل على أن هؤلاء الصحابة-رضي الله عنهم- قبلوا خبر الواحد وعملوا بمقتضاه، وهو يفيد نسخ إباحة الخمر عندهم، وقد كان ذلك معلوماً لهم بالتواتر (٣).
ج- ولأن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يرسل رسله لتبليغ الأحكام، وهم آحاد، وكانوا يبلغون الأحكام المبتدأة وناسخها (٤).
ويظهر-والله أعلم بالصواب- رجحان القول الثاني، وذلك لقوة أدلته.
رابعاً: نسخ السنة بالقرآن
اختلف أهل العلم في نسخ السنة بالقرآن على قولين:
القول الأول: يجوز نسخ السنة بالقرآن.
وهو قول جمهور أهل العلم (٥).
(١) القِلال جمع قُلّة، وهي: الحُبُّ العظيم. انظر: النهاية في غريب الحديث ٢/ ٤٨٦.(٢) أخرجه البخاري في صحيحه ص ٩٥٧، كتاب التفسير، باب قوله: {إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان}، ح (٤٦١٧)، ومسلم في صحيحه ٧/ ٧٢، كتاب الأشربة، باب تحريم الخمر، ح (١٩٨٠) (٤).(٣) انظر: المسودة ص ٢٠٦.(٤) انظر: مختصر ابن الحاجب ٤/ ٨١؛ إرشاد الفحول ٢/ ٦٨.(٥) انظر: أصول فخر الإسلام البزدوي مع شرحه كشف الأسرار ٣/ ٣٣٥؛ أصول السرخسي ٢/ ٦٧؛ مختصر ابن الحاجب ٤/ ٨٧؛ المستصفى ص ٩٩؛ الإحكام للآمدي ٣/ ١٣٥؛ البحر المحيط ٥/ ٢٧٢؛ روضة الناظر ١/ ١٤٩؛ المسودة ص ٢٠٥؛ شرح الكوكب المنير ٣/ ٥٥٩؛ الإحكام لابن حزم ١/ ٥١٨؛ إرشاد الفحول ٢/ ٧١.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute