دفع المفاسد أهم من جلب المصالح (١). (قاعدة فقهية فرعية مندرجة تحت القاعدة العامة: لا ضرر ولا ضرار)
فاستنبط هذه القاعدة من قوله تعالى: {قُلْ أَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا وَاللَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (٧٦)} [المائدة: ٧٦]؛ فقال -رحمه الله-: (أمر الله سبحانه رسوله -صلى الله عليه وسلم- أن يقول لهم هذا القول إلزاما لهم، وقطعا لشبهتهم، أي: أتعبدون من دون الله -متجاوزين إياه- ما لا يملك لكم ضرا ولا نفعا، بل هو عبد مأمور، وما جرى على يده من النفع أو دفع من الضر فهو بإقدار الله له وتمكينه منه … وقدم سبحانه الضر على النفع؛ لأن دفع المفاسد أهم من جلب المصالح)(٢).
ومن قوله تعالى: {وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لَا يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ وَلَا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا وَلَا يَمْلِكُونَ مَوْتًا وَلَا حَيَاةً وَلَا نُشُورًا (٣)} [الفرقان: ٣]؛ فقال -رحمه الله-: (وقدم ذكر الضر لأن دفعه أهم من جلب النفع، وإذا كانوا بحيث لا يقدرون على الدفع والنفع فيما يتعلق بأنفسهم فكيف يملكون ذلك لمن يعبدهم)(٣).
[ثانيا: أمثلة على الاستنباطات الفقهية]
[المثال الأول]
استنبط الشوكاني من قوله تعالى: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ (٤٣)} [البقرة: ٤٣] الإرشاد إلى شهود الجماعة، والخروج إلى المساجد (٤)؛ فقال -رحمه الله-: (وقوله: {وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ (٤٣)} فيه الإرشاد إلى شهود الجماعة، والخروج إلى المساجد) (٥).
واستنبط هذا الاستنباط أيضا من قوله تعالى: {يَامَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ (٤٣)} [آل عمران: ٤٣](٦)؛ فقال -رحمه الله-: (قوله: {وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ} ظاهره ركوعها يكون مع ركوعهم، فيدل على مشروعية صلاة الجماعة)(٧).
(١) انظر: الاستنباط رقم: ٦٧، ١٦٢. (٢) فتح القدير ج ٢/ ص ٦٥. (٣) فتح القدير ج ٤/ ص ٦١. (٤) انظر: الاستنباط رقم: ١١. (٥) فتح القدير ج ١/ ص ٧٧. (٦) انظر: الاستنباط رقم: ٣٦. (٧) فتح القدير ج ١/ ص ٣٣٨.