قال الشوكاني -رحمه الله-: (ولما قدموا التضرع إلى الله سبحانه في أن يصون دينهم عن الفساد أتبعوه بسؤال عصمة أنفسهم فقالوا: {وَنَجِّنَا بِرَحْمَتِكَ مِنَ الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (٨٦)} وفي هذا دليل على أنه كان لهم اهتمام بأمر الدين فوق اهتمامهم بسلامة أنفسهم) (٣)
[الدراسة]
استنبط الشوكاني (٤) -رحمه الله- من الآية اهتمام من آمن بموسى -عليه السلام- بأمر الدين فوق اهتمامهم بسلامة أنفسهم.
ووجه الاستنباط: أنهم سألوا الله تعالى صيانة الدين عن الفساد أولا فقالوا: {رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} ثم سألوه أن يعصمهم ويحفظهم؛ فدل بدلالة التقديم على أن اهتمامهم بأمر الدين فوق اهتمامهم بسلامة أنفسهم.
وسؤالهم صيانة الدين يحتمل وجهين:
الأول: أنهم سألوا الله أن يصون دينهم عن الفساد، إذ يحتمل أن يكون تفسير قوله تعالى:{رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ}: لا تسلطهم علينا فيفتنونا.
عن مجاهد -رضي الله عنه- في قوله:{رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} قال: لا تسلطهم علينا فيفتنونا (٥).
(١) الإشارات الإلهية ج ٢/ ص ٢٩٩. (٢) وهو استنباط في علوم القرآن (قصص الأنبياء). (٣) فتح القدير ج ٢/ ص ٤٦٦. (٤) واستنبط غيره من الآية: أن الداعي حقه أن يبني دعاءه على التوكل على الله تعالى، فإنه أرجى للإجابة. ووجهه: ترتيب الدعاء على التوكل. انظر: أنوار التنزيل ج ٣/ ص ٢١٢، إرشاد العقل السليم ج ٤/ ص ١٧١، وروح المعاني ج ١١/ ص ١٧٠. (٥) أخرجه عبد الرزاق في تفسيره ج ٢/ ص ٢٩٧، والطبري في جامع البيان ج ١٢/ ص ٢٥٢، وانظر: الدر المنثور ج ٤/ ص ٣٨٢.