قال الشوكاني -رحمه الله-: (والرجم بالغيب هو القول بالظن والحدس من غير يقين. والموصوفون بالرجم بالغيب هم كلا الفريقين القائلين بأنهم ثلاثة، والقائلين بأنهم خمسة. {وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ} كأن قول هذه الفرقة أقرب إلى الصواب بدلالة عدم إدخالهم في سلك الراجمين بالغيب … )(٣).
[الدراسة]
استنبط الشوكاني (٤) -رحمه الله- أن القول بأن أصحاب الكهف سبعة وثامنهم كلبهم أقرب إلى الصواب بدلالة عدم إدخالهم في سلك الراجمين بالغيب.
ووجه الاستنباط: أن الله تعالى لما حكى قولهم: {ثَلَاثَةٌ رَابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ}، وقولهم:{خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ} أعقب ذلك بقوله: {رَجْمًا بِالْغَيْبِ}، والرجم بالغيب هو القول بالظن والحدس من غير يقين، ولما حكى قولهم:{سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ} لم يتبعه بإبطال؛ فدل عدم إدخالهم في سلك الراجمين بالغيب بدلالة المطرد من أسلوب القرآن-لو كان قولهم غير حق لرده القرآن- على أن القول الثالث أقرب إلى الصواب (٥).
(١) انظر: التفسير الكبير ج ٢١/ ص ٨٨، والبحر المحيط ج ٦/ ص ١٣٩، واللباب ج ١٢/ ص ٤٥٠، وإرشاد العقل السليم ج ٥/ ص ٢١٤، وفتح البيان ج ٨/ ص ٢٧، وتفسير المراغي ج ١٥/ ص ١٣٢، وحدائق الروح والريحان ج ١٦/ ص ٣٠٥. (٢) وهو استنباط فائدة علمية. (٣) فتح القدير ج ٣/ ص ٢٧٨. (٤) واستنبط غيره من الآية أنه لا يبحث في المسائل التي لا أهمية لها؛ إذ ليس المهم معرفة العدد بل المهم الاعتبار بالقصص؛ لقوله تعالى: {فَلَا تُمَارِ فِيهِمْ إِلَّا مِرَاءً ظَاهِرًا وَلَا تَسْتَفْتِ فِيهِمْ مِنْهُمْ أَحَدًا (٢٢)}. انظر: تفسير المراغي ج ١٥/ ص ١٣٦، والتحرير والتنوير ج ١٥/ ص ٤٤، وحدائق الروح والريحان ج ١٦/ ص ٣٣٤. (٥) انظر: منهج الاستنباط من القرآن ص ٣٤٠.