وفي:(غرفة) قراءتان: فقرأ نافع، وابن كثير، وأبو عمرو، وأبو جعفر: غَرفة بيده، بفتح الغين، والباقون بضمها (١). وما كان باليد فهو غَرفة بالفتح، وما كان بإناء فهو غُرفة بالضم (٢).
والغَرفة أي: مرة واحدة باليد، وهي المد، والغُرفة: ما تحمله اليد، أو المغروف (٣).
أو الغَرفة: ما كان بيد واحدة، والغُرفة: ما كان بيدين. أو أنهما لغتان بمعنى واحد (٤).
وهذا الاستنباط يستقيم على القراءتين؛ إذ هما دالتان على القلة، إلا أنه- والله أعلم- على قراءة الفتح أظهر، وذلك على توجيهها بأنها بالكف الواحد. لأن فيها مزيد قلة.
قال الشوكاني -رحمه الله-: (وقوله: {وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ} يقال: طعمت الشيء، أي: ذقته، وأطعمته الماء أي أذقته. وفيه دليل على أن الماء يقال له طعام)(٦).
[الدراسة]
استنبط الشوكاني (٧) -رحمه الله- من الآية أن الماء يقال له طعام.
(١) انظر: النشر ج ٢/ ص ٢٣٠، وإتحاف فضلاء البشر ج ١/ ص ٢٠٧، والبدور الزاهرة ج ١/ ص ١٢٣. (٢) انظر: الكتاب المختار في معاني قراءات أهل الأمصار ج ١/ ص ١١١، والحجة في القراءات السبع لابن خالويه ج ١/ ص ٩٩، وحجة القراءات لابن زنجلة ج ١/ ص ١٤٠. (٣) انظر: الكتاب المختار ج ١/ ص ١١١، ومفاتيح الأغاني في القراءات والمعاني للكرماني ص ١٢٠، وحجة القراءات ج ١/ ص ١٤٠. (٤) انظر: الكتاب المختار ج ١/ ص ١١١، ١١٢. (٥) وهو استنباط لغوي. (٦) فتح القدير ج ١/ ص ٢٦٥. (٧) واستنبط غيره من الآية استنباطات أخرى، منها: ١) في الآية دليل على القول بسد الذرائع. ووجهه: أن أدنى الذوق يدخل في لفظ الطعم، فإذا وقع النهي عن الطعم فلا سبيل إلى وقوع الشرب ممن يتجنب الطعم. انظر: المحرر الوجيز ص ٢٢٥، والجامع لأحكام القرآن ج ٣/ ص ٢٤٠. وإنما يستقيم هذا الاستنباط على تفسير يطعمه بمعنى يذقه، ولا يستقيم على تفسيره بيشربه كما هو تفسير البغوي في معالم التنزيل ج ١/ ص ٢٣١. ٢) الرد على الجبرية؛ لقوله: {فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ}، وقوله: {اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ} حيث أضاف الفعل إليهم. ٣) ينبغي للقائد أن يتفقد الجند؛ لقوله تعالى: {فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ} أي مشى بهم، وتدبر أحوالهم، ورتبهم. انظر هذين الاستنباطين وغيرهما من الاستنباطات النافعة في تفسير سورة البقرة لابن عثيمين ج ٣/ ٢٢٢ - ٢٢٨.