قال الشوكاني -رحمه الله-: (ومعنى {لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ} هو قول الناحر الله أكبر عند النحر، فذكر في الآية الأولى الأمر بذكر اسم الله عليها، وذكر هنا التكبير؛ للدلالة على مشروعية الجمع بين التسمية والتكبير. وقيل: المراد بالتكبير وصفه سبحانه بما يدل على الكبرياء)(١).
[الدراسة]
استنبط الشوكاني-رحمه الله- مشروعية الجمع بين التسمية والتكبير عند الذبح.
ووجه الاستنباط: أن الله تعالى أمر بذكر اسمه عند الذبح فقال: {فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ}، ثم ذكر التكبير بقوله عز وجل:{كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ}؛ فدل بدلالة التركيب على مشروعية الجمع بين التسمية والتكبير عند الذبح.
قال السيوطي:(فيه أنه يستحب أن يضم إلى التسمية التكبير عند الذبح)(٢).
وقال ابن العربي:(ذكر سبحانه ذكر اسمه عليها في الآية قبلها فقال: {فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ}، وذكر هاهنا التكبير، فكان ابن عمر -رضي الله عنهم- يجمع بينهما إذا نحر هديه فيقول: بسم الله، والله أكبر. وهذا من فقهه رضي الله عنه. وقد قال قوم: التسمية عند الذبح، والتكبير عند الإحلال بدلا من التلبية عند الإحرام. وفعل ابن عمر أفقه والله أعلم)(٣).
وممن قال بهذا الاستنباط: ابن العربي-كما تقدم-، والقرطبي، والسيوطي، والقنوجي (٤).
وهو استنباط صحيح؛ لأن التكبير عام يشمل التكبير مطلقا، والتكبير عند الذبح.
قال الرازي:(لتكبروا الله وهو التعظيم بما نفعله عند النحر، وقبله، وبعده على ما هدانا)(٥).
وهذا المعنى المستنبط دلت عليه السنة صراحة في فعل النبي -صلى الله عليه وسلم-، ففي حديث أنس -رضي الله عنه- قال:"ضحى النبي -صلى الله عليه وسلم- بكبشين أملحين أقرنين، ذبحهما بيده وسمى وكبر، ووضع رجله على صفاحهما"(٦).
(١) فتح القدير ج ٣/ ص ٤٥٥. (٢) الإكليل ج ٣/ ص ٩٨٩. (٣) أحكام القرآن ج ٣/ ص ٢١١. (٤) انظر: أحكام القرآن ج ٣/ ص ٢١١، والجامع لأحكام القرآن ج ١٢/ ص ٦٤، والإكليل ج ٣/ ص ٩٨٩، وفتح البيان ج ٩/ ص ٥٤. (٥) التفسير الكبير ج ٢٣/ ص ٣٣. (٦) أخرجه البخاري في كتاب: الأضاحي، باب: التكبير ثم الذبح، رقم: ٥٢٤٥، ج ٥/ ص ٢١١٤. ومسلم في كتاب: الأضاحي، باب: استحباب الضحية وذبحها مباشرة بلا توكيل والتسمية والتكبير، رقم: ١٩٦٦، ج ٣/ ص ١٥٥١.