استنبط الشوكاني -رحمه الله- أن عمل الكافر لا اعتداد به.
ووجه الاستنباط: أن الله تعالى وعد من عمل صالحا بالحياة الطيبة، والجزاء بالجنة، وقيد الاعتداد بهذا العمل بالإيمان؛ فدل بمفهوم المخالفة-مفهوم القيد- على أن من لم يكن مؤمنا فإنه ليس موعودا بهذه الجنة، ولا اعتداد بعمله.
قال البيضاوي:({وَهُوَ مُؤْمِنٌ} حال شرط اقتران العمل بها في استدعاء الثواب المذكور، وتنبيها على أنه لا اعتداد به دونه فيه)(١).
وممن قال بهذا الاستنباط: البيضاوي-كما تقدم-، وأبو السعود، والبروسوي، والآلوسي، والقنوجي، والشنقيطي. (٢).
والإيمان أحد شروط العمل الصالح، قال الشنقيطي:(اعلم أن القرآن العظيم دل على أن العمل الصالح هو ما استكمل ثلاثة أمور:
الأول: موافقته لما جاء به النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ لأن الله يقول:{وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} (٣) [الحشر: من الآية ٧].
الثاني: أن يكون خالصا لله تعالى؛ لأن الله جل وعلا يقول: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ (٥)} (٤)[البينة: من الآية ٥]، و {قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصًا لَهُ دِينِي (١٤) فَاعْبُدُوا مَا شِئْتُمْ مِنْ دُونِهِ} [الزمر: ١٤ - ١٥].
الثالث: أن يكون مبنيا على أساس العقيدة الصحيحة؛ لأن الله يقول:{مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ}، فقيد ذلك بالإيمان، ومفهوم مخالفته أنه لو كان غير مؤمن لما قبل منه ذلك العمل الصالح) (٥).