استنبط الشوكاني كثيرا من الاستنباطات في قصص القرآن، وهذا النوع من الاستنباطات يأتي في المرتبة الثانية من استنباطات علوم القرآن.
[أمثلة على الاستنباطات في قصص القرآن]
[المثال الأول]
استنبط الشوكاني-رحمه الله- من قوله تعالى: {فَقَالُوا عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنَا رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (٨٥) وَنَجِّنَا بِرَحْمَتِكَ مِنَ الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (٨٦)} [يونس: ٨٥ - ٨٦] اهتمام من آمن بموسى -عليه السلام- بأمر الدين فوق اهتمامهم بسلامة أنفسهم (١)؛ فقال -رحمه الله-: (ولما قدموا التضرع إلى الله سبحانه في أن يصون دينهم عن الفساد أتبعوه بسؤال عصمة أنفسهم فقالوا: {وَنَجِّنَا بِرَحْمَتِكَ مِنَ الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (٨٦)} وفي هذا دليل على أنه كان لهم اهتمام بأمر الدين فوق اهتمامهم بسلامة أنفسهم) (٢).
[المثال الثاني]
استنبط الشوكاني من قوله تعالى: {قَالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً قَالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَ لَيَالٍ سَوِيًّا (١٠)} [مريم: ١٠]، وقوله تعالى: {قَالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً قَالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ إِلَّا رَمْزًا وَاذْكُرْ رَبَّكَ كَثِيرًا وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ (٤١)} [آل عمران: ٤١] أن المدة التي جعلها الله تعالى آية لزكريا -عليه السلام- لا يكلم الناس فيها هي ثلاثة أيام ولياليهن (٣)؛ فقال -رحمه الله-: (وقد دل بذكر الليالي هنا والأيام في آل عمران أن المراد ثلاثة أيام ولياليهن)(٤).
لإبراهيم -عليه السلام- ببقاء الغلام المبشر به حتى يكبر ويصير حليما (٥)؛ فقال -رحمه الله-: (ومعنى حليم أن يكون حليما عند كبره، فكأنه بشر ببقاء ذلك الغلام حتى يكبر ويصير حليما؛ لأن الصغير لا يوصف بالحلم. قال الزجاج: هذه البشارة تدل على أنه مبشر بابن ذكر، وأنه يبقى حتى ينتهي في السن، ويوصف بالحلم)(٦). (٧).
(١) انظر: الاستنباط رقم: ١٠٣. (٢) فتح القدير ج ٢/ ص ٤٦٦. (٣) انظر: الاستنباط رقم: ١٤٢. (٤) فتح القدير ج ٣/ ص ٣٢٤. (٥) انظر: الاستنباط رقم: ١٨٤. (٦) فتح القدير ج ٤/ ص ٤٠٣. (٧) وانظر أمثلة أخرى في الاستنباطات رقم: ٢٩، ٩٠، ٩٧، ١٠٣، ١٤٤، ١٦٩، ٢١٢، ٢١٥.