ويندر أيضا ألا يذكر استنباطا من استنباطات الشوكاني، ولم أقف سوى على مثال واحد لم يذكره هو: في قوله تعالى: {وَفِي الْأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجَاوِرَاتٌ وَجَنَّاتٌ مِنْ أَعْنَابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ يُسْقَى بِمَاءٍ وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (٤)} [الرعد: ٤] إذ استنبط الشوكاني أن مناسبة ختم ذكر اختلاف مذاق الثمرات، وتفاضل بعضها مع كونها من تربة واحدة، وتسقى بماء واحد بقوله: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (٤)} لأنه ليس في نظر العقل ما يفسر ذلك إلا بالقدرة الباهرة، والصنع العجيب (١).
وأما الهرري: فقد ذكر في تفسيره ما يقارب ثلث استنباطات الشوكاني، ومن أمثلة ذلك:
١ - في قوله تعالى: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ (٣٥)} [إبراهيم: ٣٥] قال الشوكاني -رحمه الله-: (وقدم طلب الأمن على سائر المطالب المذكورة بعده؛ لأنه إذا انتفي الأمن لم يفرغ الإنسان لشيء آخر من أمور الدين والدنيا)(٢). وذكر الهرري هذا الاستنباط بعبارته دون تغيير (٣).
٢ - في قوله تعالى: {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ … عَمَّا يَصِفُونَ (٢٢)} [الأنبياء: ٢٢] قال الشوكاني -رحمه الله-: ({فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ … عَمَّا يَصِفُونَ (٢٢)} الفاء لترتيب ما بعدها على ما قبلها من ثبوت الوحدانية بالبرهان أي: تنزه عز وجل عما لا يليق به من ثبوت الشريك له. وفيه إرشاد للعباد أن ينزهوا الرب سبحانه عما لا يليق به) (٤).
قال الهرري:(وفيه إرشاد للعباد أن ينزهوا الرب سبحانه عما لا يليق به)(٥).
(١) انظر: الاستنباط رقم: ١١٩. (٢) فتح القدير ج ٣/ ص ١١٢. وانظر: الاستنباط رقم: ١٢١. (٣) انظر: حدائق الروح والريحان ج ١٤/ ص ٤١٦. (٤) فتح القدير ج ٣/ ص ٤٠٢. وانظر: الاستنباط رقم: ١٤٧. (٥) حدائق الروح والريحان ج ١٨/ ص ٣٧.