الإيراد ذكر الشهادتين لأن القوم كانوا مؤمنين مقرين بكلمتى الشهادة، ولكن ربما كانوا يظنون الإيمان مقصور عليهما كما كان الأمر فى صدر الإسلام.
قال: ولهذا لم يعد الشهادتين فى الأوامر «١» ، انتهى ملخصا من فتح البارى.
وقدم عليه- صلى الله عليه وسلم- وفد بنى حنيفة «٢» ، فيهم مسيلمة الكذاب، فكان منزلهم فى دار امرأة من الأنصار، من بنى النجار، فأتوا بمسيلمة إلى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وهم يسترونه بالثياب، ورسول الله- صلى الله عليه وسلم- جالس مع أصحابه، فى يده عسيب من سعف النخل، فلما انتهى إلى رسول الله- صلى الله عليه وسلم-- وهم يسترونه بالثياب- كلمه وسأله، فقال له رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: «لو سألتنى هذا العسيب الذى فى يدى ما أعطيتك»«٣» .
وذكر حديثه ابن إسحاق على غير ذلك فقال: حدثنى شيخ من أهل اليمامة من بنى حنيفة: أن وفد بنى حنيفة أتوا رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وخلفوا مسيلمة فى رحالهم، فلما أسلموا ذكروا له مكانه، فقالوا: يا رسول الله، إنا قد خلفنا صاحبا لنا فى رحالنا وركابنا يحفظها لنا، فأمر له رسول الله صلى الله عليه وسلم- بما أمر به للقوم، وقال لهم «إنه ليس بشركم مكانا» يعنى لحفظه صنيعة أصحابه، ثم انصرفوا، فلما قدموا اليمامة ارتد- عدو الله- وتنبأ وقال: إنى أشركت فى الأمر معه، ثم جعل يسجع السجعات، فيقول لهم فيما يقول مضاهاة للقرآن: لقد أنعم الله على الحبلى، أخرج منها نسمة تسعى من بين صفاق وحشى.
وسجع اللعين على سورة إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ «٤» فقال: إنا أعطيناك
(١) انظر المصدر السابق. (٢) انظر «السيرة النبوية» لابن هشام (٢/ ٥٧٦- ٥٧٧) ، و «الطبقات الكبرى» لابن سعد (١/ ٣١٦) ، و «دلائل النبوة» للبيهقى (٥/ ٣٣٠) ، و «زاد المعاد» لابن القيم (٣/ ٦١٠- ٦١١) . (٣) صحيح: أخرجه البخارى (٣٦٢١) فى المناقب، باب: علامات النبوة فى الإسلام، ومسلم (٢٢٧٣) فى الرؤيا، باب: رؤيا النبى- صلى الله عليه وسلم-، من حديث ابن عباس- رضى الله عنهما-. (٤) سورة الكوثر: ١.