فقال سعد: فإنى أحكم فيهم، أن تقتل الرجال وتقسم الأموال وتسبى الذرارى والنساء.
فقال- صلى الله عليه وسلم-: «لقد حكمت فيهم بحكم الله من فوق سبعة أرقعة» والرقيع: السماء سميت بذلك لأنها رقعت بالنجوم.
ووقع فى البخارى: قال: قضيت فيهم بحكم الله، وربما قال:«بحكم الملك» - بكسر اللام-.
وفى رواية محمد بن صالح:«لقد حكمت اليوم فيهم بحكم الله الذى حكم به من فوق سبع سموات»«١» .
وفى حديث جابر- عند ابن عائذ- فقال:«احكم فيهم يا سعد» ، فقال: الله ورسوله أحق بالحكم، قال:«قد أمرك الله أن تحكم فيهم»«٢» .
وفى هذه القصة: جواز الاجتهاد فى زمنه- صلى الله عليه وسلم- وهى مسألة اختلف فيها أهل أصول الفقه. والمختار: الجواز، سواء كان فى حضرته- صلى الله عليه وسلم- أم لا، وإنما استبعد المانع وقوع الاعتماد على الظن مع إمكان القطع، ولا يضر ذلك لأنه بالتقرير يصير قطعيّا، وقد ثبت وقوع ذلك بحضرته- صلى الله عليه وسلم- كما فى هذه القصة وغيرها. انتهى.
وانصرف- صلى الله عليه وسلم- يوم الخميس لسبع ليال- كما قال الدمياطى، أو لخمس كما قاله مغلطاى- خلون من ذى الحجة.
وأمر- صلى الله عليه وسلم- ببنى قريظة فأدخلوا المدينة، وحفر لهم أخدود فى السوق، وجلس- صلى الله عليه وسلم- ومعه أصحابه، وأخرجوا إليه فضربت أعناقهم، وكانوا ما بين ستمائة إلى سبعمائة، وقال السهيلى: المكثر يقول إنهم ما بين
(١) صحيح: أخرجه البخارى (٣٠٤٣) فى الجهاد والسير، باب: إذا نزل العدو على حكم رجل، ومسلم (١٧٦٨) فى الجهاد والسير، باب: جواز قتال من نقض العهد من حديث أبى سعيد الخدرى- رضى الله عنه-. (٢) ذكره الحافظ فى «الفتح» (٧/ ٤١٢) وعزاه لابن عائذ.