وفى البخارى أيضا: عن أنس: فإذا المهاجرون والأنصار يحفرون فى غداة باردة، فلم يكن لهم عبيد يعملون ذلك لهم، فلما رأى ما بهم من النصب والجوع قال:
اللهم إن العيش عيش الآخرة ... فاغفر للأنصار والمهاجرة
فقالوا مجيبين له:
نحن الذين بايعوا محمدا ... على الجهاد ما بقينا أبدا «١»
قال ابن بطال: وقوله اللهم لا عيش إلا عيش الآخرة، هو من قول ابن رواحة تمثل به- صلى الله عليه وسلم-. وعند الحارث بن أبى أسامة من مرسل طاووس زيادة فى آخر الرجز:
والعن عضلا والقارة ... هم كلفونا نقل الحجارة
وفى البخارى من حديث البراء قال:(لما كان يوم الأحزاب، وخندق رسول الله- صلى الله عليه وسلم- رأيته ينقل من تراب الخندق حتى وارى عنى الغبار جلدة بطنه، وكان كثير الشعر، فسمعته يرتجز بكلمات ابن رواحة، وهو ينقل التراب ويقول:
اللهم لولا أنت ما اهتدينا ... ولا تصدقنا ولا صلينا
فأنزلن سكينة علينا ... وإن أرادوا فتنة أبينا
إن الألى قد بغوا علينا ... وإن أرادوا فتنة أبينا
قال: يمد بها صوته..) وفى رواية له أيضا:
إن الألى قد بغوا علينا ... إذا أرادوا فتنة أبينا «٢»
(١) صحيح: أخرجه البخارى (٢٨٣٤) فى الجهاد والسير، باب: التحريض على القتال، ومسلم (١٨٠٥) فى الجهاد والسير، باب: غزوة الأحزاب وهى غزوة الخندق. (٢) صحيح: أخرجه البخارى (٣٠٣٤) فى الجهاد والسير، باب: الرجز فى الحرب، ومسلم (١٨٠٣) فى الجهاد والسير، باب: غزوة الأحزاب وهى غزوة الخندق.