وأجاب أهل السنة بأن هذه الآيات فى الكفار. قال القاضى عياض:
مذهب أهل السنة جواز الشفاعة عقلا، ووجوبها سمعا، لصريح قوله تعالى:
يَوْمَئِذٍ لا تَنْفَعُ الشَّفاعَةُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلًا «١» وقوله: وَلا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضى «٢» ولقوله: عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً «٣» المفسر بها عند الأكثرين، كما قدمنا.
وقد جاءت الأحاديث التى بلغ مجموعها التواتر بصحة الشفاعة فى الآخرة لذنبى المؤمنين، وعن أم حبيبة قالت: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: «أريت ما تلقى أمتى من بعدى، وسفك بعضهم دماء بعض، وسبق لهم من الله ما سبق للأمم قبلهم فسألت الله أن يؤتينى فيهم شفاعة يوم القيامة ففعل»«٤» .
وفى حديث أبى هريرة:«لكل نبى دعوة مستجابة يدعو بها، وأريد أن أختبئ دعوتى شفاعة لأمتى فى الآخرة» . وفى رواية أنس:«فجعلت دعوتى شفاعة لأمتى»«٥» . وهذا من مزيد شفقته علينا، وحسن تصرفه حيث جعل دعوته المجابة فى أهم أوقات حاجاتنا، فجزاه الله عنا أفضل الجزاء.
وعن أبى هريرة؛ قلت: يا رسول الله ماذا ورد عليك فى الشفاعة؟
فقال:«شفاعتى لمن شهد أن لا إله إلا الله مخلصا يصدق لسانه قلبه»«٦» .
وعن أبى زرعة عن أبى هريرة قال: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: «أنا سيد
(١) سورة طه: ١٠٩. (٢) سورة الأنبياء: ٢٨. (٣) سورة الإسراء: ٧٩. (٤) صحيح: أخرجه أحمد (٦/ ٤٢٧) ، والحاكم فى «المستدرك» (١/ ١٣٨) ، والطبرانى فى «الكبير» (٢٣/ ٢٢١ و ٢٢٢) ، والحديث صححه الشيخ الألبانى فى «صحيح الجامع» (٩١٨) . (٥) صحيح: أخرجه البخارى (٦٣٠٤) فى الدعوات، باب: لكل نبى دعوة مستجابة، ومسلم (١٩٨) فى الإيمان، باب: اختباء النبى دعوة الشفاعة لأمته. من حديث أبى هريرة- رضى الله عنه-. (٦) أخرجه أحمد (٢/ ٣٠٧ و ٥١٨) من حديث أبى هريرة- رضى الله عنه-.