بأن دعوى النسخ لا دليل عليها، ورواية المثبت- وهو أنس- تقدم على رواية النافى- وهو ابن عمر.
وعن سعيد بن المسيب أنه كان يقول: حق على كل مؤمن إذا أذن المؤذن أن يركع ركعتين. وعن مالك قول آخر باستحبابها، وهو عند الشافعية وجه رجحه النووى ومن تبعه، وقال فى شرح مسلم: قول من قال: «إن فعلهما يؤدى إلى تأخير المغرب عن أول وقتها» خيال فاسد منابذ للسنة، ومع ذلك فزمنهما يسير، لا تتأخر به الصلاة عن أول وقتها. ومجموع الأدلة يرشد إلى استحباب تخفيفهما.
وقال- صلى الله عليه وسلم-: «صلوا قبل المغرب ركعتين لمن شاء»«١» . خشية أن يتخذها الناس سنة. رواه أبو داود. قال المحب الطبرى: لم يرد نفى استحبابهما، لأنه لا يمكن أن يأمر بما لا يستحب، بل هذا الحديث من أقوى الأدلة على استحبابهما. ومعنى قوله:«سنة» أى شريعة وطريقة لازمة. وكأن المراد انحطاط مرتبتهما عن رواتب الفرائض، ولهذا لم يعدهما أكثر الشافعية فى الرواتب، واستدركهما بعضهم. وتعقب: بأنه لم يثبت أنه- صلى الله عليه وسلم- واظب عليهما.
وقال- صلى الله عليه وسلم- فى الصلاة بعد المغرب:«هذه صلاة البيوت»«٢» ، رواه أبو داود والنسائى من حديث كعب بن عجرة. وعنه- صلى الله عليه وسلم-: «من صلى بعد المغرب ركعتين قبل أن يتكلم رفعت صلاته فى عليين» . رواه رزين.
(١) صحيح: أخرجه البخارى (١١٨٣) فى الجمعة، باب: الصلاة قبل المغرب، وأبو داود (١٢٨١) فى الصلاة، باب: الصلاة قبل المغرب. من حديث عبد الله المزنى- رضى الله عنه-. (٢) حسن: أخرجه أبو داود (١٣٠٠) فى الصلاة، باب: ركعتى المغرب أين تصليان، والترمذى (٦٠٤) فى الجمعة، باب: ما ذكر بعد صلاة المغرب أنه فى البيت أفضل، والنسائى (١٦٠٠) فى قيام الليل وتطوع النهار، باب: الحث على الصلاة فى البيوت والفضل فى ذلك. من حديث كعب بن عجرة- رضى الله عنه- والحديث حسنه الشيخ الألبانى فى «صحيح أبى داود» .