قال ابن القيم الجوزية:«فأما أهل الحديث قاطبةً وفقهاؤهم، وجمهور أهل السنة فقالوا: هي من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، واحتجوا على ذلك بما روى البخاري في صحيحه من حديث عمار الضبي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَعَ الْغُلَامِ عَقِيقَةٌ، فَأَهْرِيقُوا عَنْهُ دَمًا، وَأَمِيطُوا عَنْهُ الْأَذَى»(٢)(٣).
وروى أبو داود في سننه من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه أُراه عن جده: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «مَنْ وُلِدَ لَهُ وَلَدٌ فَأَحَبَّ أَنْ يَنْسُكَ فَلْيَنْسُكْ، عَنِ الْغُلامِ شَاتَانِ مُكَافِئَتَانِ، وَعَنِ الْجَارِيَةِ شَاةٌ»(٤)، فقالوا:«فهنا علق العقيقة بمحبة فاعلها، فقال من أحب أن ينسك، وهذا يقتضي عدم الوجوب لتفويضه إلى الاختيار فيكون قرينة صارفة للأوامر عن الوجوب إلى الندب»(٥). وقالوا أيضًا: «لو كانت واجبة لكان وجوبها معلومًا من الدين؛ لأن ذلك مما تدعو الحاجة إليه، وتعم به البلوى، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يبين وجوبها للأمة بيانًا
(١) موطأ مالك ص: ٣٢٠. (٢) تحفة المودود، لابن القيم رحمه الله (ص: ٦٠). (٣) صحيح البخاري برقم (٥٤٧٢). (٤) جزء من حديث برقم (٢٨٤٢)، وحسنه الألباني في صحيح سنن أبي داود (٢/ ٥٤٧) برقم ٢٤٦٧. (٥) تحفة المودود (ص: ٧٧)، ونيل الأوطار للشوكاني (٥/ ١٣٢).