الحمد للَّه، والصلاة والسلام على رسول اللَّه، وأشهد أن لا إله إلا اللَّه وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، وبعد:
فمن شعائر الإسلام العظيمة، ومن مقامات الدين العالية الرفيعة: النصيحة، قال تعالى: {وَجَاء رَجُلٌ مِّنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَى قَالَ يَامُوسَى إِنَّ الْمَلأَ يَاتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِين (٢٠)} [القصص].
روى مسلم في صحيحه من حديث تَمِيمٍ الدَّارِيِّ رضي اللهُ عنه: أَنَّ النَّبِيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قَالَ: «الدِّينُ النَّصِيحَةُ» قُلْنَا: لِمَنْ يا رسول اللَّه؟ قَالَ:«لِلَّهِ وَلِكِتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ وَلِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ»(١).
قال النووي: هذا حديث عظيم الشأن وعليه مدار الإسلام، وأما ما قاله جماعات من العلماء: إنه أحد أرباع الإسلام - أي أحد الأحاديث الأربعة التي تجمع أمور الإسلام -، فليس كما قالوه، بل المدار على هذا وحده (٢).
قال ابن حجر: قوله: «الدِّينُ النَّصِيحَةُ» يحتمل أن يحمل على المبالغة، أي: معظم الدين النصيحة، كما قيل:«الحَجُّ عَرَفَةُ»؛
(١) ص: ٥٤ برقم ٥٥. (٢) شرح النووي على صحيح مسلم (١/ ٣٧).