الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، وبعد ..
قال تعالى: {وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (٢٥)} [الأنفال]. «هذه الآية وإن كان المخاطب بها هم صحابة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لكنها عامة لكل مسلم؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يحذر من الفتن»(١).
روى مسلم في صحيحه من حديث زيد بن ثابت -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال لأصحابه:«تَعَوَّذُوا بِاللَّهِ مِنَ الْفِتَنِ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ»، قَالوا: نَعُوذُ بالله مِنَ الْفِتَنِ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ (٢).
وهذه الفتن تُعرض على القلوب فتؤثر فيها، روى مسلم في صحيحه من حديث حذيفة بن اليمان -رضي الله عنهما- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «تُعْرَضُ الْفِتَنُ عَلَى الْقُلُوبِ كَالْحَصِيرِ عُودًا عُودًا (٣)، فَأَيُّ قَلْبٍ
(١). انظر المصباح المنير في تهذيب تفسير ابن كثير، ص ٥٣٣. (٢). برقم ٢٨٦٧. (٣). ومعنى تعرض: أي كأنها تلصق بعرض القلوب، أي جانبها كما يلصق الحصير بجنب النائم ويؤثر فيه بشدة لصقها به، قال: وقوله عودًا عودًا: أي تعاد وتكرر عليه شيئًا بعد شيء.