وقد نفى الله الخير عن كثير مما يتناجى به الناس بينهم، قَالَ تَعَالَى:{لَاّ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلَاّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ}[النساء: ١١٤](١).
قال ابن رجب: «ودخلوا على بعض الصحابة في مرضه ووجهه يتهلل، فسألوه عن سبب تهلل وجهه، فقال: ما من عمل أوثق عندي من خصلتين: كنت لا أتكلم فيما لا يعنيني، وكان قلبي سليمًا للمسلمين، وقال الحسن: من علامة إعراض الله تعالى عن العبد أن يجعل شغله فيما لا يعنيه، وقال سهل بن عبد الله التستري: من تكلم فيما لا يعنيه حرم الصدق، وقال معروف: كلام العبد فيما لا يعنيه خذلان من الله عزَّ وجلَّ (٢). وقال عبد الله ابن مسعود: أنذرتكم فضول الكلام، بحسب أحدكم ما بلغ حاجته» (٣).
وفي الصحيحين مِن حَدِيثِ أَبِي شُرَيحٍ العَدَوِيِّ رضي اللهُ عنه: أَنَّ النَّبِيَّ صلى اللهُ عليه وسلم قَالَ: «مَن كَانَ يُؤمِنُ بِاللَّهِ وَاليَومِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيرًا أَو لِيَصْمُتْ»(٤). وروى الإمام أحمد في مسنده مِن حَدِيثِ عَبدِ اللهِ ابنِ عَمرٍو رضي اللهُ عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: «مَن صَمَتَ نَجَا»(٥).
وروى الترمذي في سننه مِن حَدِيثِ عُقْبَةَ بنِ عَامِرٍ رضي اللهُ عنه قَالَ:
(١) «جامع العلوم والحكم» لابن رجب (ص: ١٣٩). (٢) «جامع العلوم والحكم» لابن رجب (ص: ١٣٩). (٣) «الصمت» لابن أبي الدنيا (ص: ٨٠). (٤) «صحيح البخاري» (برقم ٦٠١٨)، و «صحيح مسلم» (برقم ٤٧). (٥) «مسند الإمام أحمد» (١١/ ١٩) (برقم ٦٤٨١)، وقال محققوه: حديث حسن.