فقال سليمان: قد أقررت عندي بالزِّنَا، وأنا إمام فلا بد من إقامة الحد عليك، فقال له الفرزدق: ومن أين أوجبته علي يا أمير المؤمنين؟ فقال: بقول الله تعالى: ﴿الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ﴾ [النور: ٢]، فقال له الفرزدق: كتاب الله يدرؤه عني بقول الله تعالى: ﴿وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ﴾ [الشعراء: ٢٢٤ - ٢٢٦]، فأنا قلت ما لم أفعل، فتبسم سليمان وقال: أولى لك.
١ - قوله:"هل أنتم عالجون بنا" أي: داخلون في عالج، وهو اسم موضع (١)، قولمه:"لعنا": لغة في لعلنا (٢)، و "العرصات": جمع عرصة الدار وهي وسطها.
٢ - قوله:"غير راقئة السجام": من رقأ الدمع يرقأ رَقْأً ورُقوأً إذا سكن وكذلك وأرقأ الله دمعه: سكنه، والسجام: من سجم الدمع سجومًا وسجامًا وانسجم.
٤ - قوله:"أُكَفْكِفُ": من كفكفت عن الأمر وكفكفته بمعنى واحد، و "الملام": اللوم.
الإعراب:
قوله:"فكيف" ويروى: وكيف، وأنشده سيبويه: وكيف إذا رأيت ديار قوم (٣)، وكلمة "كيف" للاستفهام الغير حقيقي، وقد أخرج مخرج التعجب كما في قوله تعالى: ﴿كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللهِ﴾ [البقرة: ٢٨](٤)، وكلمة "إذا" للظرف، و "مررت": جملة من الفعل والفاعل، والباء: صلتها، "وقوم": مجرور بالإضافة، (وجيران) بالجر عطف على قوم، وقوله:"لنا": جار ومجرور في محل النصب؛ لأنه خبر لكان على تقدير أن لا تكون زائدة، ويقال:"كانوا"
(١) قال صاحب الخزانة (٩/ ٢٢٢) روى العيني فقط عالجون باللام، وقال: أي: داخلون في عالج وهو اسم موضع، ولم أره لغيره، وليس في الصحاح عالج بمعنى دخل في عالج، ثم رواه: عائجون وقال: إنه جمع عائج اسم فاعل من عجت البعير أعوجه عوجًا إذا عطفت رأسه بالزمام. (٢) ينظر المفصل بشرح ابن يعيش (٨/ ٨٧)، شرح التسهيل لابن مالك (٢/ ٣٩). (٣) قال سيبويه: "وقال الخليل: إن أفضلهم كان زيدًا على إلغاء كان وشبهه بقول الشاعر وهو الفرزدق: فكيف إذا رأيت ديار قوم … وجيران لنا كانوا كرام" ينظر الكتاب لسيبويه (٢/ ١٥٣). (٤) ينظر روح المعاني في تفسير القرآن العظم والسبع المثاني للعلامة الألوسي (١/ ٢١٢، ٢١٣)، وقال الزجاجي في حديثه عن كيف: "وتقع بمعنى التعجب؛ كقوله تعالى: ﴿كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ﴾ [البقرة: ٢٨] ". حروف المعاني للزجاجي (٥٩).