عند البهم - فأقبل علىّ طيران أبيضان كأنهما نسران، فقال أحدهما لصاحبه: أهو هو؟ قال: نعم. فأقبلا يبتدرانى (١)، فأخذانى فبطحانى إلى القفا فشقّا بطنى، ثم استخرجا قلبى فشقاه، فأخرجا منه علقتين سوداوين، فقال أحدهما لصاحبه: ائتنى بماء ثلج. فغسلا به جوفى، ثم قال: ائتنى بماء برد. فغسلا به قلبى، ثم قال: أئتنى بالسكينة. فذراها فى قلبى، ثم قال أحدهما لصاحبه:
حصه (٢). فحاصه، وختم عليه بخاتم النّبوّة، فقال أحدهما لصاحبه: اجعله فى كفّة واجعل ألفا من أمته فى كفّة. قال رسول الله ﷺ: فإذا أنا أنظر إلى الألف فوقى أشفق أن يخرّ علىّ بعضهم. فقال: لو أن أمته وزنت به لمال بهم. ثم انطلقا وتركانى - وقد فرقت فرقا شديدا - ثم انطلقت إلى أمّى فأخبرتها بالذى لقيت، فأشفقت أن يكون قد التبس بى، فقالت: أعيذك بالله.
ورحّلت (٣) بعيرا لها، وحملتنى على الرّحل، وركبت خلفى حتى بلغنا إلى أمى، فقالت: أدّيت أمانتى وذمّتى، وحدثتها بالذى لقيت، فلم يرعها ذلك، وقالت: إنى رأيت خرج منى نور أضاءت له قصور الشام.
ويقال: لما قدمت به حليمة إلى أمه قالت أمه: ما أقدمك به
(١) كذا فى هـ، ودلائل النبوة ٢٩٥:١. وفى ت، م، والوفا بأحوال المصطفى ١١١:١ «يبتدران». (٢) كذا فى م، هـ، ودلائل النبوة ٢٩٥:١. وفى ت «خيطه مخاطه» وفى الوفا بأحوال المصطفى ١١١:١ «خطه» - والمعنى واحد. (٣) كذا فى م، هـ ودلائل النبوة ٢٩٥:١. وفى ت «ثم رحلت».