لا بابا، ولكن نحيله على الله ﷿. قال وافترقا، قال محمد بن جرير فوقع لى أن الشيخ صاحب القريحة (١) هو الواجد للهميان فاتّبعته - وكان كما ظننت - ونزل إلى دار مستفلة (٢) خلقة الباب والمدخل (٢) فسمعته يقول: يا لبابة. قالت له: لبّيك يا أبا غياث.
قال: وجدت صاحب الهميان ينادى عليه مطلقا، فقلت له قيّده بأن يجعل لواجده العشر. فقال: كم؟ فقلت: عشره. فقال: لا والله، ولكنا نحيله على الله. فأى شئ (٣) نعمل؟ ولا بدّ لى من ردّه؟ فقالت له لبابة: نقاسى الفقر معك منذ خمسين سنة، ولك أربع بنات وأختان وأنا وأمى، وأنت تاسع القوم!! أشبعنا واكسنا، ولعل الله يغنيك فتعطيه، أو يكافئه عنك ويقضيه. فقال لها: لست أفعل، ولا أحرق حشاشتى بعد ست وثمانين سنة بالنار. قال: ثم سكت القوم وانصرفت.
فلما كان من الغد - على ساعات من نهار - سمعت الخراسانى يقول: معاشر الحاج ووفد الله من الحاضر والباد، من وجد هميانا فيه ألف دينار وردّه/أضعف الله له الثواب. فقام إليه الشيخ فقال له: يا خراسانى، قد قلت لك بالأمس ونصحتك، وبلدنا والله بلد فقير قليل الزرع والضرع، وقد قلت لك أن تدفع إلى واجده مائة دينار فلعلّه أن يقع بيد من يخاف الله، فقلت: لا، فالآن أقول
(١) فى الأصول «العزيمة» والمثبت عن صفة الصفوة ٢٦٠:٢. (٢) كذا فى م والمرجع السابق. وفى ت «وطرق حلقة الباب ودخل». (٣) فى الأصول «فأيش» والمثبت عن صفة الصفوة ٢٦١:٢.