سألتك بالله إلا أخبرتنى. فقلت له: بإجابة دعوتك. فقال لى:
إنى أحسبك - إن شاء الله - رجلا صالحا، إن لله ﷿ خيرة من خلقه لا يكشف شأنهم إلا لمن أحب [من عباده](١) ولا يظهر عليهم إلا من ارتضى.
ثم قال لى: ترى أن تقف لى قليلا فإنه قد بقيت علىّ ركعات من البارحة. فقلت: هذا منزل فضيل قريب. قال: لا ها هنا أحبّ إلىّ [، أمر](٢) الله ﷿ لا يؤخّر. فدخل من باب الباعة إلى المسجد، فما زال يصلى حتى إذا أتى على ما أراد التفت إلىّ وقال: يا أبا عبد الرحمن هل من حاجة؟ قلت: ولم؟ قال: لأنى أريد الانصراف. قلت: إلى أين؟ قال: إلى الآخرة.
قلت: لا تفعل دعنى أسرّ بك. فقال لى: إنما كانت تطيب الحياة حيث كانت المعاملة بينى وبينه تعالى، فأما إذ اطّلعت عليها فسيطلع عليها غيرك. [(٣) فلا حاجة لى فى ذلك. ثم خرّ لوجهه فجعل يقول: إلهى اقبضنى الساعة الساعة الساعة. فدنوت منه (٣)] فإذا هو قد مات، فو الله ما ذكرته قط إلا طال حزنى وصغرت/الدنيا فى عينى.
أنبأنى بهذه الحكاية الحافظ برهان الدين إبراهيم بن محمد الحلبى، عن أبى حفص عمر بن حسن المزى، أنبأنا أبو الحسن على
(٢،١) إضافة عن صفة الصفوة ٢٧١:٢. (٣) ما بين الحاصرتين إضافة عن المرجع السابق ٢٧٢:٢، وانظر فيه الترجمة رقم ٢٢٥ ص ٢٦٨ - ٢٧٢.