وفيها حج إبراهيم بن محمد بن طلحة بن عبيد الله التيمى الذى يقال له أسد الحجاز (١)، وجلس على الحجر فلما طاف هشام بالبيت ومر بإبراهيم صاح به وقال: أسألك بالله وبحرمة هذا البيت الذى خرجت معظما له إلا رددت علىّ ظلامتى. قال: أى ظلامة.
قال: دارى مقبوضة. قال: فأين كنت عن أمير المؤمنين عبد الملك؟ قال: ظلمنى والله. قال: فأين كنت عن الوليد بن عبد الملك؟ قال: ظلمنى. قال: فأين كنت عن سليمان؟ قال:
ظلمنى. قال: فأين كنت عن عمر بن عبد العزيز؟ قال: يرحمه الله ردّها علىّ فلما ولى يزيد بن عبد الملك قبضها؛ وهى اليوم فى يد وكلائك ظلما. فقال هشام: أما والله لو كان فيك موضع ضرب لأوجعتك. فقال: فىّ والله ضرب السوط والسيف. ومضى هشام ثم دعا الأبرش الكلبى - وكان خاصا به - فقال: يا أبرش، كيف ترى هذا اللسان؟ قال: ما أجوده!! قال هشام: هى قريش وألسنتها، ولا يزال فى الناس بقايا ما رأيت مثل هذا (٢).
ويقال لما قال إبراهيم لهشام ناشدتك الله فى ظلامتى. قال:
ما فعل عبد الملك فيها؟ قال إبراهيم: ترك الحق وهو يعرفه. قال:
فما صنع الوليد؟ قال: اتّبع أثر أبيه، وقال ما قال القوم الظالمون
(١) وفى الخلاصة للخزرجى ٢٠ «أسد قريش» وقد توفى سنة ١١٠ هـ. وانظر العقد الثمين ٣٢٣:٧. (٢) تاريخ الطبرى ١٨٦:٨، ١٨٧، والكامل لابن الأثير ٥٣:٥، ٥٤، والبداية والنهاية ٢٣٤:٩.