ثم سار حتى نزل بسرف، فخرج إلى أصحابه فقال: من لم يكن معه منكم هدى فأحبّ أن يجعلها عمرة فليفعل، ومن كان معه هدى فلا. فمنهم الآخذ بها والتارك لها ممن لم يكن معه هدى (١).
ودخل على عائشة فوجدها تبكى، فقال: ما يبكيك؟ قالت: سمعت كلامك مع أصحابك فتمتّعت بعمرة. قال:
وما لك؟ - أو ما بالك؟ - قلت: لا أصلى/قال: فلا يضرك، تكونى فى حجّك فعسى الله أن يرزقكها؛ فإنما أنت من بنات آدم؛ كتب الله عليك ما كتب عليهن (٢).
ثم غربت عليه الشمس بسرف، فجاء إلى ذى طوى فبات بها ليلة الأحد لأربع ليال خلون من ذى الحجة، وصلى بها الصبح.
واغتسل، ثم دخل مكة من أعلاها من ثنيّة كداء نهارا (٣) على راحلته القصوى، فلما انتهى إلى باب بنى شيبة ورأى البيت رفع يديه فقال: اللهم زد هذا البيت تشريفا وتعظيما وتكريما ومهابة، وزد من عظّمه ممن حجّه واعتمره تشريفا وتكريما ومهابة وتعظيما وبرّا (٤).
ثم أتى البيت فاستلم الركن وطاف على ناقته الجذعاء، فرمل ثلاثا ومشى أربعا - وهو مضطبع بردائه - يستلم الركن بمحجنه، ثم يعطف المحجن ويقبّله (٥) حتى فرغ من سبعة.