وخرج به فأردفه خلفه، ورجع صاحباه - ويروى أنه ذهب بهما معه حتى أتى بهم النبى ﷺ ودافع العباس عمر بن الخطاب عن أبى سفيان بحضرة النبى ﷺ، ثم ذهب به معه إلى رحله بأمر رسول الله ﷺ، وأمره أن يحبس أبا سفيان بالمضيق دون الأراك إلى مكة - ويقال عند خطم (١) الجبل - حتى يمرّ به العسكر وينظر إلى المسلمين، وذهب الآخرون فأعلما أهل مكة.
ويقال إنما ظفر بأبى سفيان وصاحبيه مزينة - وكانت الحراسة عليهم تلك الليلة - فسألوهم أن يذهبوا بهم إلى العباس بن عبد المطلب، فذهبوا بهم (٢) إليه فسأله أبو سفيان أن يستأمن لهم من النبى ﷺ، فخرج بهم حتى دخل على النبى ﷺ. فسأله أن يؤمّن له من أمّن. فقال النبى ﷺ: قد أمّنت من أمّنت خلا أبا سفيان. فقال: يا رسول الله لا تحجر علىّ. فقال ﷺ: من أمّنت فهو آمن. فذهب بهم العباس إلى النبى ﷺ ثم خرج بهم، فقال أبو سفيان إنا نريد أن نذهب. فقال: أسفروا. وقام النبى ﷺ يتوضّأ فابتدر المسلمون وضوءه فينضحونه فى وجوههم. فقال: يا أبا الفضل لقد أصبح ملك ابن أخيك عظيما. فقال: ليس بملك ولكنها النّبوّة، وفى ذلك يرغبون.
(١) خطم الجبل: أى أنف الجبل وهو الجزء الناتئ منه نازلا إلى الأرض. ويقال عند حطم الخيل: أى المكان الذى تزدحم فيه الخيل عند اجتيازه. وانظر شرح المواهب ٣٠٤:٢. (٢) فى الأصول «به» والمثبت عن مغازى الواقدى ٨١٥:٢.