واستثقل الناس من النوم، خرجوا من رحالهم لميعاد رسول الله ﷺ، يتسلّلون تسلّل القطا: الرجل والرجلان والثلاثة، حتى إذا اجتمعوا فى الشعب عند العقبة، وهم سبعون رجلا ومعهم امرأتان من نسائهم: نسيبة بنت كعب أمّ عمارة (١)، وأسماء بنت عمرو بن عدىّ أمّ منيع (٢)، فاجتمعوا بالشّعب ينتظرون رسول الله ﷺ حتى جاء ومعه عمه العباس بن عبد المطلب - وهو يومئذ على دين قومه - وليس معه غيره، إلاّ أنه أحبّ أن يحضر مع ابن أخيه ويتوثّق له.
ويقال: إن النبى ﷺ سبق الأنصار إلى ذلك الموقع، ومعه عمه العباس ليس معه غيره؛ أحب أن يحضر أمر ابن أخيه.
وقيل: كان معهما أبو بكر وعلى، فأوقف العباس عليّا على فم الشّعب عينا له، وأوقف أبا بكر على فم الطريق الآخر. فكان أوّل طالع على النبى ﷺ رافع بن مالك الزّرقى، ثم توافوا ومعهم المرأتان، فقال العباس: يا ابن أخى، ما أدرى هؤلاء القوم الذين جاءوك، إنى ذو معرفة بأهل يثرب!! فلما أن اجتمعوا نظر العباس فى وجوههم، قال: هؤلاء قوم لا أعرفهم، هؤلاء أحداث. فلما جلس النبىّ ﷺ كان أوّل من تكلم العباس بن عبد المطلب؟ أخذ للنبى ﷺ العهد/عليهم فقال: يا معشر الخزرج - وإنما كانت العرب تسمى هذا الحى من الأنصار أوسها وخزرجها الخزرج - إن محمدا
(١) وكانت تشهد الحرب مع رسول الله ﷺ هى وزوجها وابناها حبيب، وعبد الله ﵁ (السيرة النبوية لابن كثير ٢١٢:٢، والسيرة الحلبية ١٧٤:٢). (٢) وهى أنصارية، أم معاذ بن جبل وتكنى أم منيع (الإصابة ٢٣٠:٤)