فقالت أختى! إنه لا يمسّه إلا المطهرون، فإن كنت صادقا فقم واغتسل. فقمت فاغتسلت، فجئت فجلست؛ فأخرجوا إلى صحيفة فيها ﴿بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ﴾ قلت أسماء طيبة طاهرة ﴿طه * * ما أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقى﴾ إلى قوله ﴿لَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى﴾ (١) فتعظّمت فى صدرى، وقلت: أمن هذا فرّت قريش؟! ثم شرح الله صدرى إلى الإسلام فقلت ﴿اللهُ لا إِلهَ إِلاّ هُوَ لَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى﴾ فما فى الأرض نسمة أحبّ إلى من رسول الله ﷺ، قلت: أين رسول الله ﷺ؟ قالت: عليك عهد الله وميثاقه أن تجبهه (٢) بشئ يكرهه؟ قال: نعم. قالت: فإنه فى دار الأرقم بن أبى الأرقم عند الصفا. فأتيت الدار - وحمزة فى أصحابه جلوس فى الدار، ورسول الله ﷺ فى البيت - فضربت الباب، فاستجمع القوم، فقال لهم حمزة: ما لكم؟ قالوا: عمر بن الخطاب. قال: افتحوا له؛ فإن أقبل قبلنا منه وإن أدبر قتلناه.
فسمع ذلك رسول الله ﷺ فقال: ما لكم؟ قالوا: عمر بن الخطاب. فخرج رسول الله ﷺ فأخذ بمجامع (٣) ثيابه ثم نتره (٤) نترة، فما تمالك أن يقع على ركبتيه فى الأرض، فقال: ما أنت بمنته يا عمر؟ قلت: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد
(١) سورة طه الآيات ١ - ٨. (٢) كذا فى ت، هـ. وفى م «ألا تجهد بشئ يكرهه». (٣) كذا فى م، هـ. وفى ت، وشرح المواهب ٢٧٥:١ «بمجمع». (٤) يقال نتره: أى جذبه أو قذفه فى شدة. (المعجم الوسيط).