حتى بلغ منه الجهد، ثم أرسله فقال ﴿اِقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * * خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ عَلَقٍ * اِقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ﴾ حتى بلغ ﴿ما لَمْ يَعْلَمْ﴾ (١).
ثم أمره بالنزول إلى قرار الأرض، وأجلسه على بساط كهيئة الدّرنوك، فيه الياقوت واللؤلؤ. وعليه ثوبان أخضران، ثم ضرب برجله الأرض - ويقال: همز، وقيل: فحص بعقبه الأرض - فنبعت له عين ماء مزن، فتوضأ منها؛ غسل وجهه ويديه إلى المرفقين، ومسح برأسه، وغسل رجليه إلى الكعبين، ثم نضح فرجه (٢). ثم أمر النبىّ صلّى الله ﷺ فتوضّأ كذلك، ثم قام فصلّى بالنبى ﷺ ركعتين، وسجد أربع سجدات، ثم انصرف جبريل. وعقل النبى ﷺ رسالات ربّه، واتبع الذى جاء به جبريل من عند الله؛ فانصرف منقلبا إلى بيته لا يمر على شجر ولا حجر إلا قال: السلام عليك يا رسول الله.
فرجع مسرورا إلى أهله موقنا قد رأى أمرا عظيما (٣). ورجع النبى ﷺ ترجف بوادره (٤) حتى دخل على خديجة فقال:
زمّلونى، زملونى - حتى ذهب عنه الروع - يا خديجة ما لى؟!
(١) سورة العلق الآيات ١ - ٥. وانظر دلائل النبوة ٣٩٣:١، والسيرة النبوية لابن كثير ٣٨٥:١. (٢) عيون الأثر ٩١:١. (٣) عيون الأثر ٨٣:١ وفيه «فرجع إلى بيته وهو موقن قد فاز فوزا عظيما» وكذا فى سبل الهدى والرشاد ٣١٥:٢. (٤) البوادر: جمع بادرة وهى اللحمة بين المنكب والعنق. (المعجم الوسيط)