ثم رجعت آمنة إلى مكة، فلما كانت بالفرع بقرية منه يقال لها الأبواء ماتت، فدفنت هناك - ويقال: ماتت بمكة، ودفنت فى شعب أبى ذئب الخزاعى؛ من سراة بنى عمرو بالحجون، وقيل:
فى دار رابعة (١) بالمعلاة بثنيّة أذاخر - والأول أصح.
ولما احتضرت كان النبى ﷺ عند رأسها، فأغمى عليها ثم أفاقت، فنظرت إلى وجهه ثم قالت: -
بارك الله فيك من غلام … يابن الذى من حومة الحمام
نجا بعون الملك المنعام … فودى غداة الضّرب بالسهام
بمائة من إبل سوام … إن صحّ ما أبصرت فى المنام
فأنت مبعوث إلى الأنام … من عند ذى الجلال والإكرام
تبعث فى الحلّ والحرام … تبعث بالتحقيق والإسلام
دين أبيك البرّ إبراهام … فالله ينهاك عن الأصنام/
ألاّ تواتيها (٢) مع الأقوام
ثم أقبلت فقالت: كل حىّ ميّت، وكل جديد بال، وكل كثير (٣) يفنى، وأنا ميّتة وذكرى باق، وقد تركت خيرا، وولدت طهرا. ثم ماتت، فكنا نسمع نوح الجن عليها؛ فحفظنا من ذلك: -
(١) وفى شرح المواهب ١٦٣:١ «رائعة» من روع. (٢) كذا فى الأصول. وفى الخصائص الكبرى ١٩٧:١، وسبل الهدى والرشاد ١٦٥:٢، وشرح المواهب ١٦٥:١، وتاريخ الخميس ٢٣٩:١ «تواليها». (٣) كذا فى الأصول. وفى المراجع السابقة «كبير».