وسئل زيد بن ثابت (١) عن هذه الآية، وعن قول الله تبارك وتعالى في سورة النساء:{وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ}(٢) الآية فنجد في إحداهما توبة والأخرى مُسْجَلة (٣)، فأيتهما أنزلت قبل؟ فقال زيد: أنزلت هذه الغليظة بعد هذه اللينة بستة أشهر فنسخت الغليظة اللينة (٤).
وسئل ابن عباس - رضي الله عنه -: هل للقاتل من توبة؟ فقال كالمتعجب من مسألته: ماذا تقول؟ فأعاد عليه مسألته، فقال: ماذا تقول؟ مرتين أو ثلاثا، ثم قال ابن عباس: ويحك أنى له بالتوبة! وذكر الحديث (٥).
وروي عن ابن عباس أن آية ـ أيضا ـ الفرقان نزلت في مشركي قريش، فقيل فيها:{إِلَّا مَنْ تَابَ}(٦) يعني من الشرك، وأن الآية التي في النساء نزلت في المؤمن يقتل متعمدا فلا توبة له (٧).
(١) هو: زيد بن ثابت بن الضحاك بن مالك بن النجار، أبو سعيد الأنصاري، شهد أحدا وما بعدها، وكان أحد كتاب الوحي، وأعلم الناس بالفرائض، توفي سنة ٤٨ هـ ينظر: طبقات ابن سعد (٢/ ٤٣٠) والإصابة (٢/ ٤٩٠). (٢) سورة النساء (٩٣). (٣) أي: مطلقة، قال في اللسان مادة: سجل، : " أَسْجَلَ لهم الأمرَ أَطلقه لهم، ومنه قول محمد بن الحنفية ـ رحمة اللَّه عليه ـ في قوله عز وجل: {هل جزاء الإحسان إلا الإحسان} قال: هي مُسْجَلة للبر والفاجر، يعني: مُرْسَلة مطلقة". (٤) أخرجه الطبري في تفسيره (٤/ ٢٢٢) وابن أبي حاتم (٣/ ١٠٣٧) بنحوه. ويريد بالغليظة: آية النساء، واللينة: آية الفرقان، كما جاء مصرحا به في بعض الألفاظ عند الطبري. (٥) أخرجه الطبري في تفسيره (٤/ ٢٢٠) بمعناه. (٦) سورة الفرقان (٧٠). (٧) أخرجه الطبري في تفسيره (٩/ ٤١٥).