ومن قال بالقول الثاني قال: الانتقام في الآخرة، ولا جزاء عليه في الأول أولاً (١)؛ لأن الله عز وجل في سائر ما حرم قال:{عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفَ}(٢) يريد ما كان قبل نزول التحريم، والذين حملوه على الانتقام عقوبة، وقد قال الله عز وجل:{فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ}(٣) فكان مُخرق الثوب عليه قيمته، وقال عز وجل:{وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا}(٤) فمن خرق ثوباً ألزم قيمته، وقد قال الله عز وجل حين أوجب الجزاء:{لِيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ}(٥) بالجزاء: {عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفَ}(٦) قبل التحريم: {وَمَنْ عَادَ}(٧) بعد التحريم: {فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ}(٨) بالجزاء، هذه عقوبته وانتقامه، وذلك في أول مرة، فقتل في الحرم وهو محرم الصيد، فإذا جعل أن ذلك عطفاً على:{وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ} * إلى قوله عز من قائل: {لِيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ}(٩) وينتقم الله بذلك العزم منه، والله أعلم.
(١) أي: لم يحكم عليه بالكفارة في المرة الأولى، وهذا يروى عن: ابن عباس، وشريح، وإبراهيم، والشعبي، وسعيد بن جبير، ومجاهد، والحسن، وقتادة. [مصنف عبد الرزاق: ٤/ ٣٩١ - ٣٩٣، مصنف ابن أبي شيبة: الموضع السابق، تفسير الطبري: ٧/ ٦٠، أحكام القرآن للطحاوي: ٢/ ٢٨٨، تفسير ابن أبي حاتم: ٤/ ١٢٠٩]. (٢) [سورة المائدة: الآية ٩٥] (٣) [سورة البقرة: الآية ١٩٤] (٤) [سورة الشورى: الآية ٤٠] (٥) [سورة المائدة: الآية ٩٥] (٦) [سورة المائدة: الآية ٩٥] (٧) [سورة المائدة: الآية ٩٥] (٨) [سورة المائدة: الآية ٩٥] * لوحة: ١٣٩/ب. (٩) [سورة المائدة: الآية ٩٥]