كَانَ عُثْمَانُ - رضي الله عنه - إِذَا وَقَفَ عَلَى قَبْرٍ بَكَى، حَتَّى يَبُلَّ لِحْيَتَهُ، فَقِيلَ لَهُ: تَذْكُرُ الْجَنَّةَ وَالنَّارَ فَلا تَبْكِي، وَتَبْكِي مِنْ هَذَا؟ فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم -، قَالَ:"الْقَبْرُ أَوَّلُ مَنَازِلِ الْآخِرَةِ، فَإِنْ يَنْجُ مِنْهُ فَمَا بَعْدَهُ أَيْسَرُ مِنْهُ، وَإِنْ لَمْ يَنْجُ مِنْهُ، فَمَا بَعْدَهُ أَشَدُّ مِنْهُ. قَالَ: وَقَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: مَا رَأَيْتُ مَنْظَرًا قَطُّ إِلَّا وَالْقَبْرُ أَفْظَعُ مِنْهُ"(١).
[البرزخ]
مَا بَيْنَ المَوْتِ وَالْبَعْثِ فترة سمِّيت في القرآن الكريم بالبرزخ، قال تعالى: {وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (١٠٠)} [المؤمنون]، أي حاجز وحاجب بَين الدُّنْيَا وَالْآخِرَة، فكلّ شَيْء يحجز بَين شَيْئَيْنِ يسمَّى برزخًا، وَمِنْه قوله تعالى: ... {بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَا يَبْغِيَانِ (٢٠)} [الرّحمن]، وقوله تعالى: {وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخًا وَحِجْرًا مَحْجُورًا (٥٣)} [الفرقان]. والبرزخ مقدّمة الآخرة، وفيه ضغطة، وفتنة، ونعيم أو عذاب، وهو عالم بين الدُّنيا والآخرة، وله تعلّق بهما.
[ضغطة القبر]
قَالَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "إِنَّ لِلْقَبْرِ ضَغْطَةً، لَوْ كَانَ أَحَدٌ نَاجِيًا مِنْهَا نَجَا سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ"(٢). وَسَعْدٌ - رضي الله عنه - ممَّن شهد بدرًا، والخندق ورمي ذلك اليوم بسهم فعاش بعد
(١) أحمد "المسند" (ج ١/ص ٥٠٣/رقم ٤٥٤) إسناده صحيح. (٢) أحمد "المسند" (ج ٤١/ص ٢٠٤/رقم ٢٤٦٦٣) إسناده صحيح على شرط الشّيخين.