أمَّا صفة الإحداد في الجاهليّة فقد كانت المرأة تَشُقُّ الْجُيُوبَ، وَتلطم الْخُدُود، وَتحلق الشّعر، وتدعو بِالْوَيْلِ وَالثُّبُورِ ... تَسَخُّطًا لمقادير الله تعالى وعدم رضى بالقضاء، ثُمَّ إِنَّهَا تدخل أكره بيت، وتلبس شَرَّ ثِيَاب، ولا تتطيّب، وَلَا تَمَسُّ مَاءً، وَلَا تُقَلِّمُ ظُفْرًا، وتحبس نفسها سنة كاملة، ثمّ تُؤْتَى بِدَابَّةٍ تَمْسَحُ بِهِ جِلْدَهَا، ثُمَّ تخرج بِأَقْبَحِ مَنْظَرٍ وأبشع محضر، فَتُعْطَى بَعَرَةً من الأرض وترمي بها، كأنَّها تقول: إنّ هذه المدّة في جانب حقِّ الزّوج عليها هيّنة لا تساوي بَعَرَةً.
وعن أُمِّ سَلَمَة، قالت:"جَاءَتْ امْرَأَةٌ إِلَى رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ ابْنَتِي تُوُفِّيَ عَنْهَا زَوْجُهَا، وَقَدِ اشْتَكَتْ عَيْنَهَا، أَفَتَكْحُلُهَا؟ فَقَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: لا، مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاثًا، كُلّ ذَلِكَ يَقُولُ: لا، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: إِنَّمَا هِيَ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرٌ، وَقَدْ كَانَتْ إِحْدَاكُنَّ فِي الجَاهِلِيَّةِ تَرْمِي بِالْبَعْرَةِ عَلَى رَأْسِ الحَوْلِ"(٢).