يجلس المؤمن في قبره عِنْدَ السُّؤَالِ يَمْسَحُ عَيْنَيْهِ، فيتصوَّر أنَّ الشَّمس قد دنت للغروب، فيطلب أداء الصَّلاة قبل خروج وقتها؛ لحضورها في ذهنه، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ الله - رضي الله عنهما -، عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، قَالَ:"إِذَا دَخَلَ المَيِّتُ الْقَبْرَ، مُثِّلَتِ الشَّمْسُ عِنْدَ غُرُوبِهَا، فَيَجْلِسُ يَمْسَحُ عَيْنَيْهِ، وَيَقُولُ: دَعُونِي أُصَلِّي"(١).
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه -، عَنِ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، قَالَ:"فَيُقَالُ لَهُ: اجْلِسْ فَيَجْلِسُ، وَقَدْ مُثِّلَتْ لَهُ الشَّمْسُ وَقَدْ أُدْنِيَتْ لِلْغُرُوبِ"(٢).
التعبّد في القبر وسؤال الميّت الصّلاة
فَهِمَ بعضهم من قول النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "لَا تَجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ مَقَابِرَ"(٣) أنَّ الموتى لا يُصَلُّونَ إطلاقًا، وليس بصحيح، ولعلَّ المراد بقوله - صلى الله عليه وسلم - أنَّ المقبرة ليست موضعًا للصَّلاة.
فهناك صلاة في حياة البرزخ ليست على وجه التَّكليف، صلاة غيبيَّة لا نعرف كيفيتها ولا ماهيّتها، ولكن نسلك سبيل الورع فنثبت ما أثبته النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم -، ونؤمِن به، سواء أدركته عقولنا أم لا، فقد ثبت أنَّ الأنبياءَ? يُصَلُّونَ، وثبت
(١) ابن ماجة "سنن ابن ماجة" (ج ٥/ص ٣٣٧/رقم ٤٢٧٢) إسناده حسن. (٢) ابن حبّان "صحيح ابن حبّان" (ج ٧/ص ٣٨٠/رقم ٣١١٣) إسناده حسن. (٣) مسلم "صحيح مسلم" (ج ١/ص ٥٣٩) كِتَابُ صَلَاةِ المُسَافِرِينَ.