أبو إدريس أنه سمع حذيفة ﵁ يقول: كان الناس يسألون رسول الله ﷺ عن الخير، وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني، فقلت: يا رسول الله: إنا كنا في جاهلية [وشر](١) فجاءنا الله بهذا الخير، فهل بعد [هذا](٢) الخير من شر؟ قال:«نَعَمْ». قلت: فهل بعد ذلك الشر من خير؟ قال:«نَعَمْ، وَفِيهِ دَخَنٌ». قلت: وما دخنه؟ [قال](٣): «قَوْمٌ تَعْرِفُ مِنْهُمْ وَتُنْكِرُ». قلت: فهل بعد ذلك الخير من شر؟ قال:«نَعَمْ؛ دُعَاةٌ عَلَى أَبْوَابِ جَهَنَّمَ، مَنْ أَجَابَهُمْ إِلَيْهَا قَذَفُوهُ فِيهَا». قلت: يا رسول الله فما تأمرني إن أدركني ذلك. قال:«تَلْزَمْ جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ وَإِمَامَهُمْ». قلت: فإن لم يكن لهم جماعة ولا إمام؟ قال: «فَاعْتَزِلْ تِلْكَ الفِرَقَ كُلَّهَا، وَلَوْ [أَنْ](٤) تَعَضَّ بِأَصْلِ شَجَرَةٍ، حَتَّى يُدْرِكَكَ المَوْتُ وَأَنْتَ كَذَلِكَ». قلت: يا رسول الله: صِفْهُمْ لنا. قال:«هُمْ قَوْمٌ مِنْ جِلْدَتِنَا، وَيَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَتِنَا»(٥).
• يقال للشيئين اللذين يتماثلان: هما مثلان، حذو النعل بالنعل وشبه القذة بالقذة. و (الدخن): الفساد؛ مأخوذ من الدخان، أي: خير يتضمن فسادا ويخالطه فتنة. وقوله:(من جلدتنا) أي: على خلقتنا. وقوله:(يتكلمون بألسنتنا): يمكن أن يُراد به [أنهم يتكلمون بالعربية، ويمكن أن يراد به](٦) أنهم من بني آدم خلقوا كما خلقنا ويتكلمون كما نتكلم.
[فصل]
٩٦٧ - أخبرنا أبو الفتح أحمد بن محمد الحداد، أخبرنا عبد العزيز وعبد
(١) وفي (ح): وشرك. (٢) وفي (ج): ذلك. (٣) وفي (ح): فقال. (٤) ليست في (ق). (٥) أخرجه البخاري في "صحيحه" (٣٦٠٦، ٧٠٨٤)، ومسلم في "صحيحه" (١٨٤٧). (٦) ساقط من (ق).