خَمَصًا شَدِيدًا، فَأَخْرَجَتْ جِرابًا فيه صاع من شعير - يعني: فطَحَنَتْهُ-، ولَنَا بُهَيْمة دَاجِنٌ فذَبَحْتُها، ففَرَغَتْ إلى فَرَاغِي، وقَطَّعَتْهَا في بُرمَتِهَا، ثم وَلَّيتُ إلى رسول الله ﷺ، فقالت: لا تفضحني برسول الله ﷺ ومن معه، فجئته فساررته، فقلت: يا رسول الله: إنَّا قد ذبحنا بُهَيْمةً لنا وطَحَنْتُ صاعًا من شعير كان عندنا، فتعال أنت ونفر معك. فصاح رسول الله ﷺ:«يَا أَهْلَ الْخَنْدَقِ، إِنَّ جَابِرًا قَدْ صَنَعَ سُورًا، فَحَيَّ هَلَا بِكُمْ» فقال رسول الله ﷺ: «لَا تُنْزِلُنَّ بُرْمَتَكُمْ، وَلَا تَخْبِزُنَّ عَجِينَكُمْ حَتَّى أَجِيءَ». فجئت وجاء رسول الله ﷺ يَقْدُمُ الناس حتى جِئْتُ امرأتي، فقالت: بك وبك. فقلت: قد فعلت الذي قلت. [فأَخْرَجَتْ لَهُ](١) عجينا، فبَسَقَ فيه، وبارك، ثم عمد إلى بُرْمَتِنَا فبَسَقَ فيها، ثم بارك، ثم [قال: «اُدْعُوا لِي](٢) خَابِزَةً فَلْتَخْبِزْ مَعَكِ، وَاقْدَحِي مِنْ بُرْمَتِكُمْ [فَلَا](٣) تُنْزِلُوهَا». - وَهُمْ أَلْفٌ -، فَأُقْسِمُ بِاللهِ لَأَكَلُوا حَتَّى تَرَكُوهُ وَانْحَرَفُوا، وَإِنَّ بُرْمَتَنَا لَتَغِطُّ كَمَا هِيَ، وَإِنَّ عَجِينَنَا لَيُخْبَزُ كَمَا هُوَ (٤).
• قوله:(خمصا شديدا): [الخَمْصُ والخُمْصُ](٥): ضُمُورُ البَطْنِ من الجوع، يقال: خمص [خمصا](٦). (فانكفأت): فانقلبت وانصرفت. (بهيمة): تصغير بهيمة، يقال لصغار الغنم بَهْمٌ، و (الداجن): التي تُعْلَف في البيت ولا تُرسَل إلى الرَّعْي. وقوله:(إلى فراغي)؛ أي: مع فراغي.
وقوله:(سورا): هي كلمة فارسية معناها: الضيافة. وقوله:(حي هلا بكم) أي: استعجلوا وبادروا. (يقدم الناس)؛ أي: يتقدم الناس. (فبسق): بالسين
(١) وفي (ق): فأجرجت. (٢) وفي (ق) و (ب): قال لي ادع. (٣) وفي (ق): ولا. (٤) أخرجه البخاري في "صحيحه" (٤١٠٢)، ومسلم في "صحيحه" (٢٠٣٩). (٥) وفي (ق): الخمص والخموص. (٦) وفي (ق): خميصا.