تُقَدَّمُونَ الملائكة، ثم أقبل بوجهه على الناس وقال: «إِنَّ رَبِّي ﷿ قَدْ رَفَعَ لِيَ الدُّنْيَا وَأَنَا أَنْظُرُ إِلَيْهَا وَإِلَى مَا هُوَ كَائِنٌ فِيهَا إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ كَمَا أَنْظُرُ إِلَى كَفِّي هَذِهِ جِلِيَّانٌ مِنَ اللهِ ﷿(١) لِنَبِيِّهِ ﷺ كَمَا جَلَّى لِلنَّبِيِّينَ قَبْلَهُ، فَسَلُونِي رَدَّدَهَا ثَلَاثًا-، وَايْمُ اللهِ لَا تَسْأَلُونِي عَنْ شَيْءٍ إِلَّا أَنْبَأْتُكُمْ بِهِ». فقُضِيَ أن أحدا لا يجترئ على مسألة رسول الله ﷺ مرثية له من شكاته وهيبة له، فطفق باسطا كفيه رجاء أن يسأله أحد، قال:«أَمَا إِذْ لَمْ تَسْأَلُونِي، فَلَا يَلْقَى اللهَ أَحَدٌ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهَ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ إِلَّا أُدْخِلَ الجَنَّةَ مَا لَمْ يَخْلِطْ مَعَهَا غَيْرَهَا» - رددها ثلاثا -، فقال قائل من قاصية الناس: بأبي أنت وأمي يا رسول الله، وما يخلط معها غيرها؟ قال:«حُبَّ الدُّنْيَا، وَأُثْرَةً لَهَا، وَجْمَعًا لَهَا، وَرِضًى بِهَا وَعَمَلَ الْجَبَّارِينَ»(٢).
• قوله:(متلفعًا) أي: مُشْتَمِلًا، و (العطاف): الرِّداء، و (الشكاة): العِلَّة، و (جليان)؛ أي: إظهار وكشف، وقوله:(من قاصية الناس): أي من بعيد، و (الأثرة): الإيثار والاختيار، و (المرثية): الرحمة والشفقة.
١٤٥٧ - أخبرنا أبو الخير بن ررا، أخبرنا أحمد بن موسى بن مردويه، حدثنا أحمد بن محمد بن السري، حدثنا المنذر بن محمد بن المنذر، حدثني أبي، حدثني عمي- الحسين بن أبي الجهم-، حدثني أبي، حدثنا عبد الله بن علي أبو أيوب الأفريقي، حدثني ليث بن أبي سليم، عن مجاهد، عن عبد الله بن عمر ﵁ قال: أخذ رسول الله ﷺ ببعض جسدي، فقال:«يَا عَبْدَ اللهِ بنَ عُمَرَ، كُنْ فِي الدُّنْيَا كَأَنَّكَ غَرِيبٌ أَوْ عَابِرُ سَبِيلٍ، وَعُدَّ نَفْسَكَ فِي الْمَوْتَى»(٣).
قال مجاهد: وقال لي عبد الله بن عمر: يا مجاهد إذا أمسيت فلا تحدث نفسك
(١) زيد في (ح) و (ب): جلَّى. (٢) إسناده ضعيف: من أجل سعيد بن سنان الرهاوي ضعيف، وأخرجه نعيم بن حماد في الفتن (٢)، وأبو نعيم فى الحلية (٦/ ١٠١) من طريق عن سعيد بن سنان بهذا الإسناد. (٣) أخرجه البخاري (٦٤١٦)، والترمذي (٢٣٣٣) من طريق مجاهد بهذا الإسناد.