واستُدِلَّ بهذا على تعيُّن الفصل بين كل ركعتين من صلاة الليل.
قال ابن دقيق العيد: وهو ظاهر السياق، لحصْر المبتدأ في الخبر.
وحمله الجمهور على أنه لبيان الأفضل، لما صحَّ من فعله - صلى الله عليه وآله وسلم -[بخلافه](١).
قلت: ولم يُبيِّن ذلك. فأما أحاديث الوصل بين التسع والسبع والخمس والثلاث فلا تُعكِّر عليه؛ لأنها وتر. وقوله:"مثنى مثنى" واقع على صلاة الليل.
وأما حديث عائشة عندهما (٢) وفيه: "كان يُصلِّي أربعًا فلا تسألْ عن حسنهن وطولهن، ثم يُصلِّي أربعًا فلا تسألْ عن حسنهن وطولهن، ثم يُصلِّي ثلاثًا"، فقد أجاب عنه الباجي في "شرح الموطأ"(٣)، وعبارته: وقوله (٤): "يصلي أربعًا فلا تسأل عن حسنهن وطولهن" تُرِيد ــ والله أعلم ــ أنه كان يَفصِل بينهما بكلام، ولكنها جمعتهما في اللفظ لأحد معنيين:
أحدهما: أن صفتهما وطولهما وحسنهما من جنس واحدٍ، وأن الأربع الأُخر ليست من جنسهما وإن كانت قد أخذتْ من الحُسن والطول حظَّها.
والمعنى الثاني: أنه يحتمل أنه كان يُصلِّي أربعًا ثم ينام، ثم يصلي اربعًا ثم ينام، ثم يُصلِّي ثلاثًا. ثم استدل بحديث ابن عباس في تقطيع النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - صلاته بالنوم ....
(١) زيادة من الفتح ليتم المعنى. (٢) البخاري (١١٤٧) ومسلم (٧٣٨). (٣) "المنتقى" (١/ ٢١٥ - ٢١٦) ط. السعادة. (٤) كذا في الأصل، وفي المنتقى.