فيقال: كيف يقول هذا وهو حينئذ أسعد من أهل النار بكثير؟
والجواب بأن المراد بالخلق بعضهم، أي غير أهل النار، لا يخفى بُعده إلا أن يقال: يتعيّن القول به جمعًا بين الأدلة.
وعليه، فلا حجّة فيه لمن يذهب إلى أن الخلق جميعًا ينتهي أمرهم إلى دخول الجنة.
* * * *
باب لا تحلفوا بآبائكم
فكنا عند أبي موسى ... فقال: ... إني [أتيت](١) رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - في نفر من الأشعريين نستحمله فقال:«والله لا أحملكم، وما عندي ما أحملكم» فأُتي رسولُ الله - صلى الله عليه وآله وسلم - بنهب إبل فسأل عنا فقال:«أين النفر الأشعريون؟» فأمر لنا بخمسِ ذَودٍ غُرِّ الذُّرَى، فلما انطلقنا قلنا: ما صنعنا؟ حلف أن لا يحملنا وما عنده ما يحملنا، ثم حَمَلنا، تَغَفَّلْنا رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - يمينَه، والله لا نفلح أبدًا! فرجعنا إليه فقلنا له: إنا أتيناك لتحملنا فحلفت أن لا تحملنا وما عندك ما تحملنا، فقال:«[إنّي] لستُ أنا حملتكم ولكنَّ الله حملكم، والله لا أحلف على يمين فأرى غيرها خيرًا منها إلا أتيت الذي هو خير وتحلَّلتُها»(٢).
قوله:«والله لا أحملكم وما عندي ما أحملكم»، الظاهر أن الواو عاطفة
(١) في الأصل: «كنت عند»، والمثبت من صحيح البخاري. (٢) رقم (٦٦٤٩).