وأحرى. قال الله تبارك وتعالى:{وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لَا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ}[آل عمران: ٧٥]. [ص ١٨] أي أنّ منهم من هو عظيم الأمانة، حتى لا يغلب هواه وشهوتُه أمانتَه ولو عَظُمت المنفعةُ التي تحصل له بالخيانة. والقنطار جاء عن الحسن البصري: أنه ملء مَسْك ثور ذهبًا (١).
ومنهم من ليس عنده من الأمانة ما يغلب به هواه وشهوته في اليسير كالدينار، أي: وإذا كان هواه وشهوته يغلبان أمانته في الدينار فأولى من ذلك أن يغلباها فيما هو أكثر منه.
[ص ١٩] ومما يلتحق بهذا الفرع: تقبيل الأجنبية، أو معانقتها على رؤوس الأشهاد، ويظهر ــ والله أعلم ــ أنه كبيرة من جهة المجاهرة بالفحش. وفي "الصحيحين"(٢) وغيرهما: "كلُّ أُمتي مُعافى إلا المجاهرين ... " الحديث.
وفي المجاهرة بالمعصية عدة مفاسد، منها: حَمْل الناس على فعل مثلها.
وفي "صحيح مسلم"(٣): " ... ومن سنَّ في الإسلام سنةً سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها من بعده من غير أن ينقص من أوزارهم شيء".
(١) انظر "معاني القرآن": (١/ ٣٨٣) للزجاج، و"المفردات" (ص ٦٧٧) للراغب الأصبهاني. (٢) البخاري (٦٠٦٩)، ومسلم (٢٩٩٠) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. (٣) (١٠١٧) من حديث جرير بن عبد الله رضي الله عنه.